السؤال
السلام عليكم.
شكرا لكم على إتاحة الفرصة، سأبدأ أولًا بسرد مشكلةٍ لازمتني منذ عدة سنوات: وهي أني عانيت في طفولتي بسبب سوء المعاملة من والديْ، ضُربتُ كثيرا في الطفولة، وشتمت بشكل يومي، وهددت بالرمي في الطريق، رُميتْ ألعابي الجديدة في الشارع بسبب أن أحد إخوتي أراد اللعب بها ورفضت، وسبق أن عوقبت من قبل والدتي بالحرق، ولايزال أثر الحرق إلى الآن يشوّه يدي.
أبعدني أبي وإخوتي عنه، لم يكن يتحدث إلينا ولا يبتسم، فضلًا عن الاحتضان وغيره، باختصار لم يشعرنا بحنانه يومًا، كان وما زال غاضبا مستعدا للضرب والتوبيخ ولا يترك لك فرصة لمناقشته، حتى أننا لم نأكل على سفرة واحدة إلا عندما كبرت، ولم يسأل أحد من والدي عن علاماتي النهائية في المدرسة أو الجامعة، وهذا أثر علي في عدة نواحي:
1- بالرغم من أن إخوتي عانوا معي إلا أنهم مفضلون علي دائمًا لأنهم ذكور، فعلاقتي مع إخوتي الآن رسمية جدا، لا نكاد نتكلم مع بعضنا.
2-نشأت على الكراهية والمقارنات، ولم أكن أحب عائلتي "الوالد بالذات".
3- انخفاض المستوى الدراسي، فقد حصلت أكثر من مرة على نسبة 100٪ إلا أنها انخفضت تدريجيا إلى أن تخرجت من الثانوية بنسبة 86٪ وبمعدل جيد جدا منخفض من الجامعة.
4- بُنيتْ شخصيتي مهزوزة ضعيفة مدفوعة لإرضاء الآخرين والخوف منهم، وعنيدة في نفس الوقت، وعندما دخلت الثانوية بدأت أدرك أي حال وصلت إليه، وعزمت على التغيير في حياتي وبناء شخصية مختلفة، واستطعت ذلك بحمد الله.
أصبحت إيجابية وجدية أكثر، وكونت شخصية أعتبرها ناجحة، إلا أنني انعزلت تمامًا عن المجتمع وكرهت مخالطة الناس "ليس بسبب الخوف" وكلماتي اليومية تعد على الأصابع، انطويت في غرفتي ولم أحب الخروج منها حتى مع العائلة، حاولت أن أشغل وقتي بأشياء مفيدة، حفظت القرآن بحمد الله، وتعلمت لغتين فضلا عن العربية، ثقفت نفسي وقرأت الكثير من الكتب، وعملت دواماً مسائياً بالرغم من دوامي في الجامعة، لشغل الوقت ولحاجتي لأن والدي لم يكن يصرف علينا.
إلا أن هذه الأعمال لم تكفي؛ فقد دخلت في نوبة اكتئاب وحزن شديدين، دمعتي لا تفارقني، فقد كنت أريد تكوين أصدقاء وفي نفس الوقت لا أحب الناس، إلى أن وجدت نفسي في أحد مواقع التواصل، كونت صداقات وتعرفت على شاب يكبرني سنتين دارت بيننا بداية حوارات في مواضيع عامة ثم لم ألبث حتى تعلقت به، وجاهدت نفسي لتركه خوفًا من الله واحترامًا لعائلتي ولعلمي نهاية ومصير هذه العلاقات عادةً.
وعندما تركته رجعت لاكتئابي وحزني، فأنا بشر أحتاج للحديث، والمسافة بيني وبين إخوتي كبيرة، حتى إن تكلمت لا أجد استجابة، وأنا الآن بين ترجيات الشاب لي للرجوع إليه وبين تعلقي به وحاجتي للبوح، وبين خوفي من الله ورجائي رحمته ومغفرته.
السؤال بالتحديد هو:
1- كيف أعالج هذا الاكتئاب بدون زيارة عيادات أو اندماج مع الناس؟ فأنا لا أحب الحديث معهم.
2- أخشى أن أعود إلى الشاب مرة أخرى؛ فماذا أفعل؟
3- كيف أسامح أبي؟ لا أستطيع مسامحته مع أنه خفف من حدته عن السابق، لكن لا أستطيع نسيان الماضي، فكلما حاولت النسيان لاحت لي صورة لعبتي المرمية بالشارع وألم حرق الملعقة ... إلخ، أعلم أنهم أرادوا لي المنفعة لكن بطريق غير مناسب.
أعتذر على الإطالة، كانت الكتابة هنا هي المتنفس لما كتمته في داخلي منذ الطفولة، وأتمنى أجد لديكم ما يرشد حيرتي ويهديني السبيل القويم.