الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من القلق ومعاناة الخوف من الموت؟

السؤال

السلام عليكم
أود أن أشكركم على المجهودات التي تقومون بها من أجلنا، وجزاكم الله كل خير.

أنا شاب بعمر 26 سنة، عاطل وأعيش وحدي، وملتزم دينيا، مع أني كنت مدمنا للعادة السرية، وأحاول الإقلاع عنها لحرمتها.

مشكلتي بدأت منذ عامين، عندما استيقظت في منتصف الليل بصورة طبيعة، وبعدها بدأت أفكر في سبب الاستيقاظ، عندها شعرت بوخز بسيط في الصدر، وخفت من الموت فأصبت بنوبة هلع كانت على شكل ضيق في التنفس وتسارع في دقات القلب، وانتفاخ البطن وتجشؤ، بعد تلك الليلة انقلبت حياتي وأصبحت أعيش في خوف دائم، فقمت بزيارة طبيب الأمعاء بسبب الانتفاخ والأصوات، فقال: إني سليم، وإن السبب نفسي، أي قولون عصبي، لكن لم يعطني دواءً نفسياً.

بعد 3 أشهر عند مشاهدة للأخبار وهم يتكلمون عن التهاب السحايا، توهمت أني مصاب بها، وبدأت البحث في الانترنت، وعندها توهمت الأعراض، وذهبت لطبيب عام فشخص حالتي بأنها بقلق عام، ووصف الدواء، فشعرت بتحسن لأني اطمأننت أن المرض غير عضوي، لكن بعدها عادت الأعراض، وكانت عبارة عن الصداع، والألم في سائر الجسم، وتوهم أني مصاب بأمراض خطيرة ودوخة، وأصبحت أشتكي كثيرا، إلى أن زرت طبيبا نفسيا قبل 5 أشهر، فقال لي: إن عندي بداية اكتئاب ورهاب من الموت، وإن السبب هو كثرة تفكير، والفراغ الذي دام لمدة 6 سنوات، وكذلك بما أن 80% من العائلة كان عندهم قلق فقد يكون هنا القلق وراثيا، واختلفت شدته.

علما أني كنت أمارس كمال الأجسام إلا أني توقفت بسبب الخوف، حيث كنت أشعر بعضلاتي مشدودة، وأخاف من سكتة قلبية، فوصف لي:
-ludiomil 25 mg(لمدة 3 أشهر)
-alprazolam 0.50 mg (عند الحاجة).

-dogmatil 50 mg sulpiride (عند الحاجة)، لمدة 3 أشهر، بعدها أعود عنده، لكن لم أعد عنده لأسباب، ثم توقفت عن الدواء بعد انتهاء 3 أشهر، مع أني خلال مدة العلاج شعرت بتحسن ملحوظ بنسبة 50% وليس شفاء تاماً، لكن بعد شهر من التوقف عن العلاج عادت الأعراض بشدة، ودخلت في دوامة الخوف، وتكررت معي نوبات هلع واختلفت شدتها، ونوم غير منتظم، مع أعراض القولون العصبي.

أصبحت لا أستطيع الخروج وحدي، وإن خرجت وحدي أتعذب، وأنا ذو شخصية سلبية ومتشائم.

بماذا تنصحوني؟ وهل يجب علي أن أقوم بفحوصات أخرى كفحوصات القلب؟ وهل أعود لنفس الأدوية أم أستبدلها؟ علما أني في أوروبا، وهل أمارس ورياضة كمال الأجسام أم لا؟

لكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

من الواضح أن النوبة التي حدثت لك هي نوبة هرع من النوع البسيط، وتولّد على ضوئها مشاعر بالقلق والخوف والوساوس، وهذه قطعًا نتج منها الأعراض النفسوجسدية المتركزة حول الجهاز الهضمي.

حالتك – أيها الفاضل الكريم – إذًا هي حالة سيكوسوماتية – أي نفسو جسدية – من النوع البسيط، وقبل أن نشرع في الحديث عن العلاج الدوائي، هذه الحالات تستجيب بصورة ممتازة لتغيير نمط الحياة، وأن تمارس الرياضة، وأن تنام مبكرًا، وأن تعبِّر عن ذاتك، ولا تحتقن داخليًا، لأن التفريغ النفسي هو واحد من العلاجات النفسية القديمة لكنها ثابتة النفع والفائدة، وأن تكون دائمًا متفائلاً، هذه كلها علاجات مهمة، ويجب ألا تُكثر من التردد على الأطباء.

لا أعتقد أنك في حاجة لإعادة فحص القلب مرة أخرى، هذا سوف يزيد من الوسوسة، وأنت أصلاً لا تعاني من مرض عضوي في القلب، إنما هي تغيرات فسيولوجية نتجت من القلق وليس أكثر من ذلك، وبترتيب حياتك وإعادة نمطها على الأسس التي ذكرتها لك أعتقد أنك سوف تعيش حياة طيبة جدًّا.

لا مانع أبدًا أن تراجع طبيبك – الطبيب العمومي مثلاً أو طبيب الأمراض الباطنية – مرة واحدة كل ثلاثة إلى أربعة أشهر، وذلك من أجل إجراء الفحوصات الروتينية العادية، حتى تحسُّ أنك مطمئن على صحتك.

مارس الرياضة، ورياضة كمال الأجسام لا بأس بها، لكن يجب ألا تكون من النوع الحاد والشديد، وحاول أن تسترشد برأي أحد المدربين في مجال الرياضة.

العلاج الدوائي: أعتقد أن الزولفت سيكون هو الدواء الأمثل بالنسبة لك، ولا تحتاج لأي دواء آخر.

الزولفت يُسمى عليمًا باسم (سيرترالين) ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة – أي خمسين مليجرامًا – ليلاً، استمر عليها لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين ليلاً – أي مائة مليجرام – واستمر عليها لمدة أربعة أشهرٍ، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر أخرى، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أيها الفاضل الكريم: الالتزام بجرعة الدواء حسب ما هو موصوف، واتباع المراحل العلاجية – كما ذكرتها لك – أي مرحلة البداية ومرحلة العلاج الدوائي المستمر ومرحلة التوقف التدريجي، الالتزام بهذه الأسس مهم جدًّا ليتحصل الإنسان على الفائدة القصوى من الدواء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً