الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ملامحي تتغير وأصاب بالاحمرار عند الصلاة والقرآن.. ما هذه الحالة وما علاجها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سأحكي معاناتي لعل الله يجعل الفرج هنا (من فرج على مسلم كربة فرج الله عليه كربة من كرب يوم القيامة)، معاناتي باختصار شديد بدأت منذ سنة وإحدى عشر شهرًا، بدأت فجأة بالشعور بالضيق الشديد جدًا، والاكتئاب، والتشاؤم الشديد جدًا من الحياة، وسوء ظن شديد بالله سبحانه، وفكرت بالانتحار عدة مرات، ولكني فكرت بالعذاب فيزيد تشاؤمي.

أنا -ولله الحمد- كنت مواظبًا على الصلاة من أولها في المسجد، وأقرأ القرآن باستمرار، وأتعلم الدين، وأحاول الابتعاد عن المعاصي، أشعر أيضا بنبضات شديدة في قلبي لا أستطيع النوم إذا أتى أبدًا، وذهبت إلى الدكتور وعملت كشفًا كاملًا وأشعة تلفزيونية، وركبت جهازًا في صدري، وقمت بتحاليل وغيرها، كلفتني حوالي 3000 ، ولكن النتائج سليمة، وذهب بعد فترة لدكتور آخر، وأيضا طلعت النتائج سليمة.

رقيت نفسي أكثر من 4 رقى، ولم تتفع أبدًا، ذهبت إلى شيخ رقية شرعية، وقرأ ولكنها لم تنفع، وأخيرًا ذهبت إلى استشاري نفسي ( لم أعرض عليه حالتي بالكامل)، فأعطاني حبوبا، وهي دوجماتيل 50 ، وزيلاكس10 ولوكسول 50 ، استعملتها وشعرت بتحسن -ولله الحمد- وظننت أنه الفرج بعد الكرب الشديد، واستمررت أسبوعين بدون اكتئاب، وبعدها رجعت حالتي، ولكن أخف بشيء بسيط، ولا زلت أعاني، ونبضات القلب يوميًا تزعجني، ولا تجعلني أنام، والله تعبت تعبًا شديدًا.

أيضًا أشعر بالخجل الشديد الذي يغير ملامح وجهي لا إراديًا، واحمرارا شديدا بالرغم من أني اجتماعي، أشعر بهذه الحالات، خاصة أوقات الصلاة، وحالتي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا جدًا مع العبادة والصلاة ( أوقات الصلوات الخمس، وأيضا في رمضان التراويح والتهجد، ويزيد تعبي في هذه الأوقات )، والقرآن أتشاءم منه، وأسيء الظن به، وأخاف خوفًا شديدًا من القرآن، وكل هذا خارج عن سيطرتي.

علمًا أن عمري 24 عامًا، وغير متزوج، ولا يوجد ضغوط سببت لي هذا الشيء، أرجو المساعدة وإرشادي للدواء، وجزاكم الله الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن لديك مزاج اكتئابي عام، ولديك أعراض المخاوف، خاصة أعراض الخوف الاجتماعي، وأعتقد أن ذلك كله قد أشعرك بشيء من الدونية حيال نفسك، أي أنك أصبحت تقيِّم نفسك تقييمًا سلبيًا في جميع الأوقات، وهذا جعلك تشعر بالتشاؤم للدرجة التي أصبحت لا تُحسن الظن بالله تعالى.

لا شك – أخِي – أن هذا شعور مقيت، هذا شعور سيئ، هذا شعور يجب أن يُحقَّر، هذا شعور يجب أن يُنبذ من جانبك، هذا شعور يجب أن تستخفَّ به، وعليك أن تُكثر من الاستغفار، وألا تجعل للشيطان وسيلة ولا تفتح له بابًا من خلال مثل هذه المشاعر، هذه المشاعر يجب أن تصدَّها، يجب أن تعنِّف نفسك حيالها، ولا تُسرف في مناقشتها مع نفسك، وعليك – يا أخِي الكريم – أن تكون مع الصحبة الخيّرة الطيبة، والحرص على صلاة الجماعة مهم جدًّا، الإنسان يحتاج لمن يُعينه في أمور الدين والدنيا، خاصة حين تضعف النفس وتفتح البوابات من هنا ومن هناك للشيطان ليدخل.

كن نبيهًا، كن فطنًا، لا تجعل الشيطان يستدرجك لهذه الدرجة، والحياة طيبة، وهنالك أمور إيجابية كثيرة يمكنك أن تنهض بنفسك، وتستطيع بشيء من الترتيب والتنظيم لحياتك، تستطيع أن تتحصل وتصل إلى مبتغاك، وتعيش حياة سعيدة كريمة -إن شاء الله تعالى- .

أيها الفاضل الكريم: استمرارك على العلاجات النفسية أظن أنه مهم، واستجابتك للدواء حتى وإن كانت محدودة فهي مؤشر إيجابي جدًّا أنك ستستفيد من العلاجات، وعقار (زيلاكس) الذي وصفه لك الطبيب – وهو الاستالوبرام – هذا دواء مهم جدًّا ومفيد جدًّا للخوف الاجتماعي، وللقلق، ولتحسين المزاج، اصبر عليه، وأنا أرى أن ترفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا يوميًا بعد استشارة طبيبك إن كان ذلك ممكنًا، وإن كان ذلك غير ممكن فخذ برأيي، -إن شاء الله تعالى- هو أيضًا صائب، وجرعة العشرين مليجرامًا لا بد أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر على الأقل، بعد ذلك يمكن أن تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر على الأقل، ثم تجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

أما الدوجماتيل والدواء الآخر فهي أدوية مساعدة وليست أساسية، ولا أعتقد أنك تحتاج لأن تتناولها أكثر من ثلاثة إلى ستة أشهر.

أخي الفاضل: الرياضة مهمة جدًّا، تشرح النفس، تمارين الاسترخاء، كما ذكرت لك: الرفقة الطيبة الصالحة، والحرص على صلاة الجماعة، والتواصل الاجتماعي المستمر، هذا فيه خير كبير وكثير لك، -وإن شاء الله تعالى- يُعالج الرهبة الاجتماعية التي تعاني منها، وحالة عدم الارتياح العام، والشعور بالهزيمة الذاتية، وضعف تقدير الذات الذي تعاني منه.

لا بد أن تبحث عن عمل – أخِي الكريم – كيف تظلَّ عاطلاً، لا، هذا أمر مرفوض تمامًا، العمل هو قيمة الرجل، والعمل أعظم وسيلة للتأهيل النفسي.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً