السؤال
السلام عليكم
هذه الاستشارة عن أقرب الناس لي، جدتي، عمرها 56 سنة، كانت بصحة جيدة جداً، فجأة بدأت معها حالات من الرعب والهلع، وكانت تشرب الكثير من المهدئات التي وصفها لها الطبيب، كانت تسيطر على الحالة، لكنها من محبي الأدوية التي أنا شخصياً لا أثق فيها، لا يمكن أن تتصوروا حبها للأدوية، وكيف أنها لا يزول عنها المرض إلا بعد أن تشرب الدواء، ولو أنها جربت ما جربته من أعشاب ورياضة، إلا أنها لا ترضى بذلك، وآلت حالتها إلى الأسوأ، والله لو عددنا الأدوية التي عندنا في المنزل، لقلنا صيدلية، بل أكبر من الصيدلية! لدرجة أن الطبيب الأخير الذي زارته، والذي ربما فقد الأمل في مهنته مع جدتي المسكينة، ذهل لكمية هذه الأدوية وقال لها بالحرف الواحد: لقد كنت حقل تجارب.
تفاقمت حالتها فأصبحت لا تمشي ولا تتحرك ولا تقف، لاحظنا انحناء في ظهرها، واعوجاجات في أصابعها، والرعشة في كل أطرافها، وقد جربنا كل شيء، حتى الطبيب الأخير أخبرنا أنه مرض باركنسون، وفي كل مرة كالعادة تتضاعف الأدوية بدون نتيجة، وقد أخبرناها عن المرض -وهي الحمد لله متعلمة- وأن أساس تقليل أعراضه هو المشي والحركة، وهي في كل مرة نخبرها تعي الدرس جيداً لكن بدون تطبيق، لنعود للدواء مرة أخرى.
بدأت أحلل وأفسر حالتها إلى أن خرجت بنتيجة، أن جدتي -سامحني الله- تتمارض لتصبح محط أنظار، والكل يحوم حولها ويسعى جاهداً لإرضائها، وإلا فإن انتقادها سيكون عسيراً، لدرجة أن خالتي طلبت منها أن تلبس قميصها بنفسها بدون مساعدة، فتبولت في ملابسها، ورمت نفسها على السرير حتى تساعدها، والدليل على كلامي أنها أولاً: عانت في صغرها مشاكل نفسية كونها الكبرى من بين إخوتها، ووالدتها لا تعلم بهم أبداً، فلم تعش لا طفولة ولا مراهقة ولا أي شيء، ولم يسمعها أحد في حياتها، لذا ربما هي تعيد إحياء الماضي مع جعلنا نلتفت لها.
ثانياً: ألاحظ دائماً أنها أحياناً عندما تريد شيئاً تفعله وحدها، ما إن ترانا تمثل دور أنها لا يمكنها القيام بشيء!
ولا أكذب لأقول أنها ليست مريضة، هي مريضة طبعاً فقد تغيرت، ولديها كل أعراض مرض باركنسون، ولكن كل إنسان اذا مرض يقاوم ويواجه، لكنها لا تريد لا الحركة ولا المشي، كأن حالتها تعجبها جداً، خاصة ونحن نقوم بكل شيء لأجلها، وهي لا تزال صغيرة لتقوم به بنفسها، وأريد الإضافة أن جدتي من نوع الناس الذين لا يمكنهم التصريح بما في قلوبهم للآخرين، إذا كرهت شخصاً لا يمكنها أن تتنبه بل تبقى معه، وتصمت إلى أن يؤلمها القولون العصبي بسبب الكبت النفسي، لا يمكنها أن تصرخ حتى على أولادها، لأنها تخاف أن يغضبوا عليها، وحتى مع الناس الآخرين، وهي تكره والدتها بسبب ماضيها كما ذكرت، وكل أمراضها ومشاكلها أظن أنها نفسية، هل يمكنكم يا ترى أن تستوعبوا ما هذا المرض؟ يئسنا وتعبنا.
أرجو المساعدة والتفسير.