الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يمنحني والدي فرصة للكلام معه في الصغر، فكانت النتيجة عكسية

السؤال

أنا شاب، اسمي رمضان، أبلغ من العمر 21 سنة تقريبًا، عندما كنت صغيرًا كان أبي - رحمه الله – لا يعطيني الفرصة أن أتكلم معه أو مع غيره، وكان دائمًا لا يشاركني الرأي في أي شيء، وكنت أنا ابنه الوحيد، وكان لي أختان، أخت أكبر مني بخمس سنوات، وأخت أصغر مني بثلاث سنوات، وكنت مدللًا زيادة، وعندما بلغ سني سبع سنوات.

عند دخولي المدرسة كنت أشعر أن ليس لي قيمة؛ لأني تربيت خلال هذه السنوات السبع على الخجل، وكنت أحب الانطواء بعيدًا عن الناس، وإذا جلست مع أحد، سواء في المدرسة أو في أي مكان لا أتكلم ولا أشارك برأيي حتى لو كان صوابًا، وإن تكلمت كنت أشعر بخوف شديد، وكان قلبي ينبض بشدة حتى أفرغ من كلامي، ومنذ ذلك الوقت إلى الآن إذا أردت الكلام مع أحد أتلعثم وأرتبك في الكلام، ولم أجد في صغري من يساعدني على الجرأة أو يعالجني مما أنا فيه، ومع ذلك كنت من الأوائل في المرحلة الابتدائية.

بعد انتقالي إلى المرحلة الإعدادية: توفي أبي، ثم بعد ذلك تعرفت على بعض الأصدقاء، وكانوا أصدقاء سوء، أغرقوني معهم في الذنوب والمعاصي، حتى جاء اليوم الذي تبت فيه إلى الله، وأطلقت اللحية، وبدأت في حفظ القرآن، حفظت الجزء الثلاثين بتعب ومشقة، وذلك بسبب الخوف والخجل والتلعثم في القراءة أمام الشيخ وأمام زملائي في المجموعة.

ذهبت إلى دكتور (تخاطب) فلم أجد عنده ما يساعدني على الشفاء، ثم ذهبت لمركز للتخاطب فقالوا لي: كم عمرك؟ فقلت 21 سنة، فقالوا: لقد جئت متأخرًا! ثم ذهبت إلى دكتور نفساني فقال لي: عندك قلق واكتئاب، ثم أعطاني بعض الأدوية، ولكن لم أشعر بأي تحسن.

هكذا هو حالي: خوف وخجل ورهبة وتلعثم في الكلام حتى أني لا أستطيع أن أقرأ القرآن الذي أحفظه أمام أحد.

فأرجو من الله - عز وجل - أن أجد حلًا لمشكلتي عندكم.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمضان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

دائمًا الأمل موجود، والرحمة واسعة جدًّا، وأنت - أيها الفاضل الكريم - وإن حدثت لك عثرات في حياتك أعتقد أنها كلها كانت من الماضي وليست كل التجارب التي مررت بها سيئة، لا شك أنك قد أخذتها عبرة وتعلمت منها الكثير، وأنا أريدك أن ترفع شعار (لقد كنت كذا وكذا، ولكن الآن سوف أكون كذا وكذا، سوف أكون شابًا جادًا ومقتدرًا، أعيش حياتي بقوة ومستقبلي بأمل ورجاء، وأسلح نفسي بسلاح المعرفة والدين وحسن الخلق، وألا ألتفت إلى السلبيات في حياتي) قل لنفسك (أنا لي قيمة عظيمة حباني بها الله تعالى، أنا لي طاقات نفسية قوية هي مختبئة فيَّ، لماذا لا أخرجها مصداقًا لقول الله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)؟

لا بد أن يكون توجهك الفكري قائمًا على هذا النسق.

أما فيما تعانيه الآن من قلق مخاوف مع اكتئاب بسيط: فهذا يتطلب علاجًا دوائيًا، أنت ذكرت أن تجربتك كانت سلبية بعض الشيء مع الدواء، لكن أنت لم توضح لي اسم هذا الدواء.

عمومًا التجربة الأولى إن فشلت مع العلاج الدوائي لا تعني أن التجربة الثانية سوف تفشل، على العكس تمامًا شاهدنا من لم تتحسن أحوالهم من المحاولة الأولى وحتى الثانية، لكن بعد ذلك تحسنت أحوالهم بصورة ممتازة جدًّا، بشرط أن يوفي الإنسان بالشروط العلاجية الصحيحة، وهي الالتزام بالدواء وبجرعته والمدة المطلوبة، وأن يفعّل الإنسان نفسه إيجابيًا؛ ليكون جادًا ويدير وقته بصورة صحيحة، ويضع أهدافًا وآمالاً في هذ الحياة، ويضع الآليات التي توصله إليها.

موضوع التلعثم الذي تعاني منه وما واجهك من صعوبة في حفظ القرآن: هذا - إن شاء الله تعالى – لك فيه أجر عظيم وعظيم جدًّا - أيها الفاضل الكريم - وإن شاء الله تعالى تكون مع الكرام البررة، إن شاء الله تعالى تكون ماهرًا في قراءة القرآن، لا تتوقف أبدًا، التجربة الأولى عبرة جميلة جدًّا، والمحاولة يجب أن تستمر، والإنسان يجب ألا يخاف من الفشل؛ لأن الذين فشلوا كانوا قريبين جدًّا من النجاح، لكنهم لم يواصلوا تجاربهم، فكن من هؤلاء - أيها الفاضل الكريم – حياتك قيّمة، حياتك فيها أشياء طيبة وجميلة حتى وإن وجدت سلبيات.

أنا أرى أن الدواء الذي سوف يفيدك هو عقار (مودابكس) وهو متوفر في مصر ويسمى (سيرترالين)، والجرعة هي: أن تبدأ بحبة واحدة ليلاً، وقوة الحبة هي 50 مليجرامًا، تناولها بعد الأكل، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين ليلاً – أي مائة مليجرام – وهذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، وهذه المدة ليست طويلة؛ لأن مراحل العلاج فيها مرحلة تمهيدية، ومرحلة علاجية، ومرحلة وقائية، وأنت الآن حين تتناول حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر تكون هذه الفترة الوقائية بالنسبة لك، بعد ذلك اجعل جرعة الدواء حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، وبذلك تكون وصلت للمرحلة الأخيرة وهي مرحلة التوقف التدريجي عن الدواء.

الدواء سليم وفاعل جدًّا.

أسأل الله لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً