السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لكم سمعة طيبة بين الناس، فأنتم القدوة لكل مريض، ولكل تائه، وسأسرد لكم عبارات الشكر والامتنان لما تقدمونه من استشارات، وقد استفدت الكثير من الموقع - ولا زلت -.
أنا لا أعلم الحل بالضبط لما أعاني منه، ولا أعلم - ولست متأكدًا - هل مرضي هذا نفسي؟ أم أنه أذى من الجان والشياطين؟ ورأيي شخصيًا هو أن مرضي نفسي وروحاني، ولكن يبقى الجزء الأغلب والأعلى نفسي بامتياز -والله أعلم - وحيرتي هذه أوصلتني لكم؛ لعلي أجد بين يديكم دواء لدائي، وفرحًا كنت أحلم به.
أراقب نفسي كثيرًا في تصرفاتي مع الناس، وفي تصرفاتي مع نفسي، حتى أني أراقب نفسي حدَّ الإدمان والتناقض، وأضع لنفسي قوانين وجدولًا كاملًا ليومي من استرخاء، وأكل منظم، وتمارين رياضية، وقرآن كريم، ولكل شيء عندي وقت محدد، ولكن مشكلتي في داخل نفسي بسبب مراقبة نفسي، والتشويش القوي لذهني.
وأنا أحيانًا أريد الهروب من واقعي لغير سبب، ودائي هذا أعرفه، وأميزه جيدًا، فهو صوت داخل نفسي يأتي أحيانًا عن طريق أفكار، وأحيانًا وساوس، ولكنه في طبيعته متحكم مسيطر يتدخل في كل شيء: بطريقة كلامي مع الناس, بهمساتي, وحركاتي, ونظراتي، كأنه هو المتحكم بجسدي.
أتضايق جدًّا عندما يبدأ الكلام، فهناك صوت يحادثني دائمًا ويخاصمني, ويدمر نفسيتي لأتفه الأسباب، قد لا تصدقوني، لكني أتكلم بكامل قواي العقلية، ولست مجنونًا، فأنا في صراع مع هذا الداء منذ كان عمري 16 سنة، وعمري الآن 24 سنة.
أعيش في صراع دائم: أهزمه تارة، ويهزمني بطبيعته، ولا يريدني أن أخالط الناس، ولا أن أرتقي للأعالي في دراستي، ولا يريد مني الزواج، يتكلم بصوتٍ هو نفس صوت تفكيري مع نفسي، وأحيانًا تأتيني أفكار وتخيلات وصور ووساوس، وقد اجتهدت في طرد تلك الوساوس والأصوات، ونظمت لنفسي جدولًا للقرآن والأذكار والتحصين.
قرأت كتبًا في تطوير الذات، وأخذت أعمل بعكس ذلك الصوت، وأمشي في طريقي، وقرأت في البرمجة اللغوية العصبية للدكتور إبراهيم الفقي، فأنا منذ زمن لا أرضى بالهزيمة، وتراني تارة أضحك وأملأ دنياي أملًا وابتسامة لا تزول، وتارة منقطعًا تمامًا عن الناس، مغلقًا جهازي المحمول في المنزل، لا أخالط الناس، مع قلق داخلي ووسواس، كأني في عالم الخيال، وقد خسرت صداقات الناس، وكل شيء، ولكن أسأل العوض من الله.
المعاناة أني فقدت السيطرة على نفسي: أفكارٌ متداخلة، ووهمٌ مرضي، وهروبٌ من واقع، وخوفٌ من الخروج من البيت، وقد بدأت قريبًا باستعمال دواء فافرين، فأفادني جدًّا، لكني قطعته لإيماني بأني سأهزم دائي بثقتي بنفسي.
عندما أخرج من المنزل يقاطعني الصوت والأفكار داخل نفسي: "أنت ضعيف الشخصية، أنت مجرد وهم، أنت لن تستطيع, انظر إلى فلان" فأتحطم، لكني سرعان ما أتغير، وأغيِّر من نفسي على الصعيد النفسي والجسدي والروحي، ومداخل ذلك الصوت وأياديه الطوال العادة السرية، ومشاهدة الأفلام الإباحية، والتحكم الداخلي بنفسي، وقد هزمت وأغلقت كل منافذ ذلك الصوت، وهزمت العادة السرية والأفلام الإباحية، ولكن ما ينقصني الآن هو: كيف أقضي على ذلك الصوت، وتلك الأفكار المتداخلة، والخوف الداخلي؟
أحسست فعلًا بضعف غريب، وأحيانًا كثيرة أحس باضطرابات الشخصية، والتشتت الذهني، وعدم التركيز، والانعزال عن الناس، وفي حدة المرض أشعر بخوف من الغد، فكيف أقنع نفسي أني مسيطر وأقلل أو أمنع تلك الهلاوس والأصوات؟ رغم كل شيء سأرجع يومًا سيد نفسي، وقائد ذاتي، فغربتي هذه عن الذات لن توصلني لنتيجة، فما الفرق بيني وبين الناس؟ لا فرق، وكل ابن ادم يبتلى، وذلك هو ابتلائي.
كلامي بين يديك - يا دكتور – هو: هل أنا مصاب بالفصام أو الذهان أو الوسواس القهري المرضي؟ وحتى لو كنت كذلك, فأريدك أن تجتهد معي -جزاك الله كل خير- هل من علاج لدائي الغريب؟ فأنا تائه, وأنت طريقي - يا دكتور - بعد الله، وأنا أخاف من الأدوية النفسية؛ لأني جربتها, فهي تزيد الوزن، ووزني 56، ولا أريد سوى برنامج لهزيمة الوساوس والأفكار والسيطرة عليها، وكيف أفرق بين وسواس النفس الأمارة، والوسواس من الشيطان؟
أكثر ما أعانيه هو عدم الاتزان الذاتي، وتذبذب الثقة في النفس، وعندما أبدأ في تغيير مساري، أو أريد أن أخرج خارج المنزل تأتيني تخيلات أني أبكي، وأني محطم، وأني أترنح وأموت، وأنا لن – ولم – أيأس, ولكن هل من تشخيص لدائي - فعلمكم ينفعني -؟
طمئني - يا دكتور - هل يمكن أن أتعالج وأعود كما كنت؟ وما هو تشخيص مرضي بالضبط؟
دعائي لك في السر: جعل الله دنياك سعادة، وأبعدك الله عن كل ألم، مع امتناني لك.