الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أين "إسرائيل" من الثورات العربية؟

أين "إسرائيل" من الثورات العربية؟

أين "إسرائيل" من الثورات العربية؟

الغائب - الحاضر عن كل ما يجري من انقلابات زلزالية في الشرق الأوسط العربي الإسلامي، هو "إسرائيل".

وهذا الغائب الذي كان حاضراً، أثبت حضوره بشكل متناقض مثير للدهشة.

ففي الأيام الأولى لثورة مصر صدح صوت بنيامين نتنياهو عالياً، مطالباً الولايات المتحدة بالتدخل لإنقاذ النظام، ومُحذّراً من أن "الزلزال الذي يضرب المنطقة العربية هذه الأيام سيؤدي إلى ثورات دينية على النمط الإيراني". هذا في حين أن وزير حربه نفى احتمال نشوب ثورات متلحفة برداء رجال الدين.

وفي الأيام الأولى أيضاً، كان اليميني المتطرف ناتان شارانسكي يدعو "الإسرائيليين" إلى محض الديمقراطية العربية الناشئة ، فيما كان اليميني المتطرف الآخر موشي أرينز يقول: إن تل أبيب "لا تستطيع صنع السلام سوى مع الدكتاتوريين العرب".

لماذا هذا التضارب في المواقف "الإسرائيلية"؟

سنأتي إلى هذا السؤال بعد قليل. قبل ذلك، إشارة إلى أن هذا التضارب في الآراء كان يخفي في الواقع موقفاً سياسياً واستراتيجياً "إسرائيلياً" موحّداً، قوامه مساعدة الأنظمة السلطوية العربية على البقاء.

وهكذا، تحرّك نتنياهو منذ اليوم الأول للثورة المصرية في 25 يناير/كانون الثاني للضغط على إدارة أوباما في اتجاه واحد: السماح لنظام الرئيس السابق حسني مبارك بتصفية الانتفاضة بالقوة العارية، والضغط على الجيش المصري للسماح بتنفيذ هذه المجزرة. كما كانت تواترت أنباء عن أن تل أبيب شحنت في أواخر يناير إلى القاهرة أطناناً من المساعدات العسكرية إلى قوات الشرطة المصرية.

وحين فشلت كل هذه الجهود، بفعل صمود الثورة المصرية واستعدادها لتقديم التضحيات لتحقيق أهدافها (350 شهيداً و5 آلاف جريح خلال أيام)، انتقلت الحكومة "الإسرائيلية" إلى شنّ الحملات الإعلامية والسياسية في داخل الولايات المتحدة، التي تتهم إدارة أوباما ب "التخلي عن حلفائها التاريخيين في الشرق الأوسط"، وبتسهيل "الانقضاض الوشيك للإخوان المسلمين على السلطة في مصر"، على غرار ما حدث في إيران العام 1979. وتقاطع هذا الموقف مع مواقف بعض الدول العربية، التي طالبت واشنطن هي الأخرى بحماية النظام المصري، ملوّحة بالحلول مكانها في دفع قيمة المساعدات العسكرية للقوات المسلحة المصرية التي تبلغ 1.5 مليار دولار سنوياً.

هذه التفاعلات "الإسرائيلية" مع ثورات المواطنة الديمقراطية في المنطقة العربية، بدت عنيفة وهستيرية وفق كل المقاييس. لكنها في الحقيقة كانت واقعية.

وهنا، تعبير "الزلزال" الذي استخدمه نتنياهو، كان دقيقاً، إذ إنه يتعلق مباشرة بمستقبل موقع "إسرائيل" العسكري - الاستراتيجي والثقافي - الإيديولوجي في الشرق الأوسط.

ـــــــــــــــ

الخليج الإماراتية

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

قراءات وتحليلات

مستقبل الكيان الإسرائيلي بين التكامل والتآكل

بعد 76 عامًا على إنشائه، هل وصل الكيان الصهيوني إلى أقصى درجات علوّه، وبدأت عوامل الضعف تَقوَى على عوامل الصعود،...المزيد