حينما تتأمل في خريطة العالم يلفت نظرك أن أكثر بقاع العالم سخونة هي جغرافيا إسلامية، أو بلدان يقطنها مسلمون بلغة أدق.
هل نذكر الشيشان أو نذكّر بها، ثم ما جرى أو ما يزال يجري في تركستان الشرقية، تنتقل إلى أفغانستان المحتلة أمريكيا ودوليا، وتلحظ الحرب المدمرة التي تشنها قوى عظمى، ضد شعب أعزل بدعوى الحرب على الإرهاب، تتقدم قليلا تجد نفسك في باكستان الدولة الإسلامية النووية التي تتعرض هي الأخرى لهجوم عالمي شرس على شعب من البسطاء تقتل فيه النساء والأطفال والشيوخ من المدنيين الأبرياء.
وعلى موقع آخر ينتقل بك الحدث إلى الملحمة الإنسانية على الأرض العراقية بأبعادها الدينية والمذهبية والسياسية والقومية والبشرية.
وليس الأمر في سوريا بأقل منه في العراق، بل فاقه بمراحل، وغطت الوحشية فيه على كل مجازر العراق.
ثم خطوة أخرى تجد نفسك في فلسطين، وفلسطين هي مأساة العصر، بل مأساة الدهر بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وفي بقعة رابعة أو خامسة تتابع مأساة الصومال، ثم السودان في جنوبه أو في دارفور…
كل هذه الساحات الساخنة هي مربعات في الجغرافيا الإسلامية التي تستأثر بحصة الأسد مما يقع على هذه الأرض من حرب وترويع وتهجير وتجويع وقتل وتدمير…
والحرب الباردة أيضا
وفي مقابل هذه المربعات التي تدور عليها الحرب الساخنة هناك مربعات أخرى تدور عليها حرب باردة هي عرضة للاختراق أو الابتزاز السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، فأكثر الأقطار الإسلامية تتعرض لضغوط مباشرة وغير مباشرة لتقديم تنازلات سياسية أو اقتصادية أو لإعادة التشكيل الثقافي من خلال التدخل في أقدس المقدسات إلى فرض مدخلات ثقافية وتعليمية وإعلامية للتأثير في إعادة الصياغة للعقول والقلوب…
كل الأقطار على الجغرافيا الإسلامية تخوض معركة البرامج العالمية المفروضة التي تهدف جميعا إلى إضعاف العالم المسلم وإحباط مشروعه النهضوي وإبقائه متخلفا هامشيا …
تختلف طرائق الأنظمة على الجغرافية الإسلامية في التعامل مع محاولات النفوذ والسيطرة، يبدو البعض متعاونا والبعض متساهلا وآخرون معارضين.. يرتكب هذا الفرز خطأ كبيرا إذا تم بطريقة شاقولية تصنيفية. فالحق أن بعض من يتصلب على محور يتساهل على آخر، وهكذا تبدو الساحة الإسلامية أخلاطا أو أمشاجا في موقفها من الآخرين ومشروعاتهم..
وكذلك تختلف المعابر التي يتم عبرها الولوج إلى جغرافيا المسلمين: بدأ من الضغوط السياسية والحاجات الاقتصادية، والتركيبة الديمغرافية، والأهم من كل ذلك هو ضرب الشعوب بالحكومات والتوصل بذلك إلى تمزيق اللحمة وتسليط الحاكم على المحكوم ليسلبه خياره وإرادته، وتخويف الحاكم من المحكوم واضطراره للاعتماد على الدعم الخارجي بحيث يكون أسيرا لهذا الدعم، مستسلما لإرادته.
حالة ظاهرة واضحة معروف من هو المستفيد الأول منها، ومعروف من هو القادر على كسر طرف حلقتها. وهي مطروحة للتفكير الاستراتيجي للمخلصين فقط.
اللهم اجعل للمسلمين فرجا قريبا ومخرجا.