دخلوا مسرحاً فسيحاً، قد غَصّ بالروعة والحسن، والمناظر الخلابة، والأماكن النافعة الماتعة، والمهن الجاذبة، من سد فراغ، أو نطق حق، أو بث حكمة، أو ردع ضال، أو شم زهرة حسناء، بدلا من شعواء، أو تناول فاكهة لذيذة...
وتجاوزوا ذلك وقعدوا هنالك، حيث المشاقة والمشقة، والضلال والظلمة، والتيه والتهمة، والتمرد والنفرة، والرائحة الخبيثة، وتجرع فاكهة فاسدة، حتى باتوا معزولين عن أمتهم، ومعادين لأوطانهم، أشبه ما يمكن وصفهم (بذبابة الحقل) تتجاوز رحيق الأزهار، لتقع على القاذورات، ويتفاخرون أمام الغرب الاستعماري بمثل تيك مقاعد، من نحو...:
١- تجريح الأخيار: والتندر بفضلاء الناس، ودعاة الأمة، والحرص على إسقاطهم مهما كلّف الثمن والوقت، حتى تستيقن أنه عداء مستحكِم، وليس مجرد خلاف شخصي، أو تعثر في مواقف محددة..! قال تعالى: ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثماً مبينا )سورة الأحزاب .
لا سيما هيئات الأمر بالمعروف، ورموز الصحوة، يكبرون أخطاءهم، ويفترون عليهم بلا حدود( وقد خاب من افترى ) سورة طه .
٢- النيل من الخطاب الديني: وأنه أساس البلاء، ومعدن الشقاء، وتراجع النماء، وما تولدت الفئات الضالة والفكر الداعشي الخارجي، إلا من خطابهم التحريضي، ودرسهم الأسبوعي، ومنابرهم المنفلتة،،، وهلم جرا...( كبرت كلمةً تخرج من افواههم إن يقولون إلا كذبا ) سورة الكهف .
ولابد من تجديده وتطويره، والتجديد عندهم المسخ والهلهلة، وتقديم التنازلات حتى يرضى المستعمر عنا...!
ويتجاهلون فضل الخطاب الديني، من نشر الخيرات، وتقليل الانحراف والحد من ارتفاع الجريمة، والتي تضاعفت في كثير من الأقطار العربية..!
٣- مهلكتهم الصحوة: لا يرقمُ مقالا، إلا ونبزَها، أو يلقي محاضرة إلا هتكها، ويظن أنه على شئ، وليس هو بشئ..! ومن آخر ترويجاتهم المنحطة: أن داعش خارجة من رحم الصحوة الإسلامية، ويطلقون مصطلح( الصحاينة) على أقطابها المشاهير، وسلم منهم الأعادي، غير أهل الإسلام،،،! ويرى بعضهم في الصحوة العدو اللدود، من عطلت مشروعه، وكبحت نزوعه ، من جراء الهوى والمخالفة
٤- الضيقة بالسنن الظاهرة : كصلاة الجماعة واللحية وتقصير الثياب والسواك، ومكبرات الأذان،! ولباس الفرنجة والصلع الوجهي عنده أحلا وأطيب ..!
والإعلام الإسلامي، والفضائيات النظيفة محل سخرية لديهم...
وبالتالي ليسوا من عمار المساجد، ولا مرتادي المحاضرات، أو دعاة الخيرات...! بل يأخذون برائحة الشرائع، والواجبات لديهم سنن، والأركان محل نقاشاتهم ومجادلاتهم...!
وهم كما قال عميد كلية القانون بجامعة هارفارد، وقد سئل من بعض الفضلاء، فقال : دينكم متجذر في مجتمعكم، وإعلامكم لا يعكس واقعكم..!
٥ - أزيار للنساء: أصموا الآذان، وأزعجوا الوطن بالمرأة، وحق العمل والمشي، واللباس والسيارة، والبنطال، حتى علقوا تخلف المجتمعات على فقدان المرأة القيادة،وترك الموسيقى...! بينما لا كلام عن حقوق المطلقات والأرامل والعجائز...! فما لكم كيف تحكمون..؟! وغالبا ما يشيدون بالنمط الغربي لبناتنا، لكي تستنسخ التجارب، وتنطمس الأخلاق، وتلك أسمى أمانيهم.
٦- بوق تغريبي : معيّن بهذا المسمى، وله راتب فاخر، فلديه (عمود صحفي)، يؤدي فيه مهنة الترويج للمدنية الغربية،، ومدح ثقافتها، والتعالي برؤيتها، ومدح نظامها، والشموخ بطعامهم وحدائقهم وحرياتهم،،،! وماذا بعد....؟! لا ذكر للعرب والمسلمين،،بل رميهم بالتخلف والهمجية، وتحميل كتب التراث كل شقاء، وبلاء في حياتنا...!
٧ - صهينة الصحافة : ففي أُتون المحن، ينسى أو يتناسى الاحتلال الصهيوني لفلسطين، فيبدأ يشع ومضات الصهينة من نحو التقارب مع الصهاينة، فناً أو سياسة أو رياضة، ليحقق (خطوة تطبيعية) مع الكيان الغاصب، وقد اقترح غير واحد منهم إدخال الصهاينة في الجامعة العربية، أو تجربة التعايش معهم، حيث لم تُجدِ ستون سنة من الحصار والقطيعة...! كما زعمه بعض مثقفيهم...!
٨ - مغازلة اليهود : بترك هجائهم والحديث عن السلام المطلق والاستراتيجي، وتقبيح حرمات المقاومة والجهاد، والتثريب الطاغي لحماس والفصائل المقاتلة، والدعوة لتوسيع السلام من قبل كيانات عربية...! والتثريب الدائم على حركات المقاومة والكرامة المفقودة، وتعز تعليقاتهم القومية والدينية على جرائم اليهود الحالية تجاه الأقصى .
٩ - التصالح مع المستعمر : وكأن عالمنا العربي ليس فيه احتلال أو محاولة الضغط علينا لتنفيذ الأجندة الغربية، فيجنح (لسياسة التكيف) مع الواقع الكئيب الذليل، ويسوّق لذلك عبر كتاباته أو برامجه الفضائية..!
وإن صح ذلك مع مستعمر باغٍ بعيد، كيف المقال مع مستعمر، جاس الديار، وبغى واعتدى، ونال من الدين والهُوية...! مع انبطاح تام للاستبداد، وتأييد للظلمة وشنائعهم، حتى تنكروا لجوهر الفكر الليبرالي، وباتوا قتلة بغطاء ليبرالي...!
١٠- تمييع الشرائع: فلا يعرف من الإسلام إلا سهولته، ومن الأحكام إلا يسرها، فيغرد بأوتار السماح والتعايش، ويتجاهل أحكاما أخرى صارمة، وواجبات محتّمة، فيؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض...!
فما وافق هواهم أشادوا به، وما خالفهم نابذوه واستنكروه...!
(ومن الناس من يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على عقبيه ) سورة الحج .
ويحملون كبر تزعم (تفسير النص الديني)، وقراءته من جديد، والدعوة لذلك، بحيث يتناغم مع معطيات الحياة، وفق تصوراتهم..!
فبرغم سعة المكان وتنوعه، لم يجد المثقف الليبرالي إلا (مقاعد السوء) والخيبة، ليطعن أمته على غِرة، وقد اعتقدت سلامته ووفاءه، ولكنه باع عقله وضميره، وبات بندقية للإيجار، وسلاحا يضرب وفق إرادة الكفار والمنافقين. والله المستعان.!