فصل
إذا فيه أربع طرق . أصحها : أن المسألة على ثلاثة أقوال . أظهرها : يبرأ في الحيوان عما لا يعلمه البائع دون ما يعلمه ، ولا يبرأ في غير الحيوان بحال . والثاني : يبرأ [ ص: 473 ] من كل عيب ، ولا رد بحال . والثالث : لا يبرأ من عيب ما . والطريق الثاني : القطع بالقول الأول . والطريق الثالث : يبرأ في الحيوان من غير المعلوم ، دون المعلوم ، ولا يبرأ في غير الحيوان من المعلوم ، وفي غير المعلوم قولان . والطريق الرابع : فيه ثلاثة أقوال في الحيوان وغيره . ثالثها : الفرق بين المعلوم وغيره . ولو قال : بعتك بشرط أن لا ترد العيب ، جرى فيه هذا الخلاف . وزعم صاحب " التتمة " : أنه فاسد قطعا ، مفسد للعقد . باع بشرط أنه بريء من كل عيب بالمبيع ، فهل يصح هذا الشرط ؟
ولو ، نظر ، إن كان مما لا يعاين ، كقوله : بشرط براءتي من الزنا أو السرقة أو الإباق ، برئ منه بلا خلاف ; لأن ذكرها إعلام بها . وإن كان مما يعاين ، كالبرص ، فإن أراه قدره وموضعه ، برئ قطعا ، وإلا فهو كشرط البراءة مطلقا ، لتفاوت الأغراض باختلاف قدره وموضعه . وهكذا فصلوا ، وكأنهم تكلموا فيما يعرفه في المبيع من العيوب . فأما ما لا يعرفه ويريد البراءة منه لو كان ، فقد حكى الإمام تفريعا على فساد الشرط فيه خلافا . . عين عيبا وشرط البراءة منه
التفريع : إن بطل هذا الشرط ، لم يبطل به البيع على الأصح . وإن صح ، فذلك في العيوب الموجودة حال العقد . فأما الحادث بعده وقبل القبض ، فيجوز الرد به . ولو شرط البراءة من العيوب الكائنة والتي ستحدث ، فوجهان .
أصحهما وبه قطع الأكثرون : أنه فاسد . فإن أفرد ما سيحدث بالشرط ، فأولى بالفساد . وأما إذا فرعنا على أظهر الأقوال ، فكما لا يبرأ عما علمه وكتمه ، فكذا لا يبرأ عن العيوب الظاهرة من الحيوان ، لسهولة معرفتها ، وإنما يبرأ عن عيوب باطن الحيوان التي لا يعلمها . ومنهم من اعتبر نفس العلم ، ولم يفرق بين الظاهر والباطن . وهل يلحق ما مأكوله في جوفه بالحيوان ؟ قيل : نعم ، لعسر معرفته . وقال الأكثرون : لا ، لتبدل أحوال الحيوان .
[ ص: 474 ]