فصل
إذا ، إما لشرط فاسد ، وإما لسبب آخر ، ثم قبضه ، لم يملكه بالقبض ، ولا ينفذ تصرفه فيه ، ويلزمه رده ، وعليه مؤنة رده كالمغصوب . ولا يجوز حبسه ، لاسترداد الثمن . ولا يقدم به على الغرماء على المذهب . وحكي قول ووجه اشترى شيئا شراء فاسدا للإصطخري : أن له حبسه ويقدم به ، وهو شاذ ضعيف . وتلزمه أجرة المثل للمدة التي كان في يده ، سواء استوفى المنفعة ، أم [ ص: 411 ] تلفت تحت يده . وإن تعيب في يده ، فعليه أرش النقص ، وإن تلف ، فعليه قيمته أكثر ما كانت من يوم القبض إلى يوم التلف ، كالمغصوب ؛ لأنه مخاطب كل لحظة من جهة الشرع برده . وفي وجه : تعتبر قيمته يوم التلف . وفي وجه : يوم القبض . وقد يعبر عن هذا الخلاف بالأقوال . وكيف كان ، فالمذهب : اعتبار الأكثر . وما حدث من الزوائد المنفصلة ، كالولد ، والثمرة ، والمتصلة ، كالسمن ، وتعلم صنعة ، مضمون عليه كزوائد المغصوب . وفي وجه شاذ : لا يضمن الزيادة عند التلف . ولو أنفق على العبد مدة ، لم يرجع بها على البائع إن كان المشتري عالما بفساد البيع ، وإلا ، فوجهان .
قلت : أصحهما لا يرجع . والله أعلم .
وإن كانت جارية ، فوطئها المشتري ، فإن كان الواطئ والموطوءة جاهلين ، فلا حد ، ويجب المهر . وإن كانا عالمين ، وجب الحد إن اشتراها بميتة ، أو دم . وإن اشتراها بخمر ، أو بشرط فاسد ، فلا حد ، لاختلاف العلماء في حصول الملك ، فإن - رضي الله عنه - يملكه في هذه الحالة ، فصار كالوطء في النكاح بلا ولي ونحوه . قال الإمام : ويجوز أن يقال : يجب الحد ، فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - لا يبيح الوطء ، وإن كان يثبت الملك ، بخلاف الوطء في النكاح بلا ولي . وإذا لم يجب الحد ، وجب المهر . فإن كانت بكرا ، وجب مع مهر البكر أرش البكارة . أما مهر البكر ، فللاستمتاع ببكر . وأما الأرش ، فلإتلاف البكارة . وإن استولدها ، فالولد حر للشبهة . فإن خرج حيا ، فعليه قيمته يوم الولادة ، وتستقر عليه قيمته . بخلاف ما لو اشترى جارية واستولدها فخرجت مستحقة ، فإنه يغرم قيمة الولد ، ويرجع بها على البائع ؛ لأنه غره ، ولا تصير الجارية في الحال أم ولد . فإن كان ملكها في وقت ، فقولان . وإن نقصت بالحمل أو الوضع ، لزمه الأرش . وإن خرج الولد ميتا ، فلا قيمة . لكن إن سقط بجناية ، وجبت الغرة على عاقلة الجاني ، وعلى المشتري أقل الأمرين من قيمة الولد يوم الولادة والغرة ، ويطالب [ ص: 412 ] به المالك من شاء من الجاني والمشتري . ولو ماتت في الطلق ، لزمه قيمتها ، وكذا لو وطئ أمة الغير بشبهة فأحبلها فماتت في الطلق . وهذه الصورة وأخواتها ، مذكورة في كتاب " الرهن " واضحة . أبا حنيفة
فرع :
لو ، فهو كالغاصب يبيع المغصوب . فإن حصل في يد الثاني ، لزمه رده إلى المالك . فإن تلف في يده ، نظر ، إن كانت قيمته في يدهما سواء ، أو كانت في يد الثاني أكثر ، رجع المالك بالجميع على من شاء منهما ، والقرار على الثاني ؛ لحصول التلف في يده . وإن كانت القيمة في يد الأول أكثر ، فضمان النقص على الأول ، والباقي يرجع به على من شاء منهما ، والقرار على الثاني . وكل نقص حدث في يد الثاني ، يطالب به الأول ، ويرجع به على الثاني ، وكذا حكم أجرة المثل . اشترى شيئا شراء فاسدا ، فباعه لآخر