فصل
إذا ، صح شرطه على المذهب ، وبه قطع الجمهور . نذر اعتكافا متتابعا ، وشرط الخروج إن عرض عارض
وحكى صاحب " التقريب " والحناطي - بالحاء المهملة والنون - قولا : أنه لا يصح ، لأنه شرط مخالف لمقتضاه ، فبطل ، كما لو شرط الخروج للجماع ، فإذا قلنا بالمذهب ، نظر ، إن عين نوعا فقال : لا أخرج إلا لعيادة المرضى ، أو لعيادة زيد ، أو تشييع جنازته ، خرج لما عينه دون غيره وإن كان غيره أهم منه .
وإن أطلق وقال : لا أخرج إلا لشغل أو عارض ، جاز الخروج لكل شغل ديني أو دنيوي . فالأول : كالجمعة ، والجماعة ، والعيادة ، والثاني : كلقاء السلطان ، واقتضاء الغريم ، ولا يبطل التتابع بشيء من هذا . [ ص: 403 ] ويشترط في الشغل الدنيوي ، كونه مباحا . وفي وجه شاذ : لا يشترط . وليست النظارة والنزهة من الشغل . ولو قال : إن عرض عارض ، قطعت الاعتكاف ، فالحكم كما لو شرط الخروج إلا أن في شرط الخروج ، يلزمه العود عند قضاء تلك الحاجة .
وفيما إذا شرط القطع ، لا يلزمه ذلك . وكذا لو ، فإذا مرض ، أو سافر ، فلا شيء عليه . قال : علي أن أعتكف رمضان ، إلا أن أمرض أو أسافر
ولو نذر صلاة وشرط الخروج منها إن عرض عارض ، أو نذر صوما وشرط الخروج منه إن جاع أو أضيف ، فوجهان .
أصحهما وبه قطع الأكثرون : يصح الشرط ، والثاني : لا ينعقد النذر ، بخلاف الاعتكاف ، فإن ما يتقدم على الخروج منه عبادة ، وبعض الصلاة والصوم ليس بعبادة ، بخلاف الصوم والصلاة .
ولو فرض ذلك في الحج ، انعقد النذر ، كما ينعقد الإحرام المشروط . لكن في جواز الخروج قولان معروفان في كتاب الحج . والصوم ، والصلاة ، أولى بجواز الخروج عند أصحابنا العراقيين .
وقال الشيخ أبو محمد : الحج أولى . ولو نذر التصدق بعشرة دراهم ، أو بهذه الدراهم ، إلا أن يعرض حاجة ونحوها ، فعلى الوجهين ، والأصح : صحة المشروط أيضا .
فإذا احتاج ، فلا شيء عليه . ولو قال في هذه القربات كلها : إلا أن يبدو لي ، فوجهان .
أحدهما : يصح الشرط ، ولا شيء عليه إذا بدا له كسائر العوارض . وأصحهما : لا يصح ، لأنه علقه بمجرد الخيرة . وذلك يناقض الالتزام .
وإذا لم يصح الشرط في هذه الصور ، فهل يقال : الالتزام باطل ، أم صحيح ويلغو الشرط ؟ قال صاحب " التهذيب " : لا ينعقد النذر على قولنا : لا يصح شرط الخروج من الصوم والصلاة . ونقل الإمام وجهين في صورة تقارب هذا ، وهي إذا ، ففي وجه : يبطل التزام التتابع . وفي وجه : يلزم التتابع ، ويبطل الاستثناء . نذر اعتكافا متتابعا ، وشرط الخروج مهما أراد
[ ص: 404 ] فرع
إذا شرط الخروج لغرض ، وصححناه فخرج له ، فهل يجب تدارك الزمن المصروف إليه ؟ ينظر ، إن نذر مدة غير معينة ، كشهر مطلق ، وجب التدارك ، لتتم المدة الملتزمة ، وتكون فائدة الشرط تنزيل ذلك الغرض منزلة قضاء الحاجة ، في أن التتابع لا ينقطع به .
وإن نذر مدة معينة ، كشهر رمضان ، أو هذه العشرة ، لم يجب التدارك .