فصل
في قولان ؛ أظهرهما : المنع إذ لا إرث ، والثاني : نعم ، ويتأخر عن المعتق ، ولا يضرب على عصبته بحال ؛ قال في " البيان " : مقتضى المذهب أن يكون في عتيق العتيق القولان ؛ لأن الجاني يتحمل عنه . تحمل العتيق عن المعتق
[ ص: 352 ] فصل
سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب العتق أن من لم يمسه رق قد يثبت عليه ولاء لمعتق أبيه أو جده أو أمه ؛ وأن أمه إذا كانت عتيقة والأب رقيق ؛ فعليه الولاء لمعتقها ؛ فإن أعتق الأب ، انجر ولاء الولد إلى مولى الأب ، وتحمل عقله مفرع على الولاء ؛ فيتحمله من له الولاء .
فلو ؛ فالدية على مولى الأم ، ولو جرح رجلا ؛ فأعتق أبوه ، ثم مات المجروح فأرش الجراحة على مولى الأم ، والباقي على الجاني ؛ لأنه لا يمكن إيجابه على معتق الأم ؛ لزوال استحقاقه الولاء ، ولا على معتق الأب ؛ لأنه وجب بسراية وجدت قبل انجرار الولاء إليه ، ولا على بيت المال لوجود جهة الولاء ؛ هكذا قاله جنى متولد من عتيقة ورقيق ابن الحداد والأصحاب ، وللإمام والغزالي احتمال في بيت المال ؛ لأن تعذر الولاء كعدمه ؛ وللمسألة نظائر منها :
؛ فالدية على مولى الأم ؛ فإن أعتق أبوه ، ثم حصل الهلاك ، فالدية في ماله . ثم لو حفر العبد بئرا ، ثم عتق ، ثم تردى فيها شخص . أو رمى إلى صيد ، فعتق ، ثم أصاب السهم شخصا ؛ فالدية في ماله . ولو قطع يد إنسان خطأ ؛ فأعتقه سيده ، ثم سرت إلى النفس ، صار السيد بإعتاقه مختارا للفداء ؛ فعليه الأقل من نصف الدية وكمال قيمة العبد ، ويجب في مال الجاني نصف الدية ؛ قال البغوي : ويجيء وجهان ؛ السيد يفديه بالأقل من كل الدية وكل القيمة ، لأن الجناية وجدت في الرق . متولد من عتيقة ورقيق حفر بئرا عدوانا ، أو أشرع جناحا أو ميزابا ؛ فمات به رجل
ومنها : ؛ فالدية في ماله لا على عاقلة الذمي ولا المسلم ؛ لأن الدية إنما يحملها من كان عاقلة في حالتي الرمي والإصابة ؛ ولو رمى يهودي صيدا ، ثم تنصر ، ثم أصاب [ ص: 353 ] شخصا ، قال الأصحاب : إن قلنا : لا يقر عليه ؛ فهو مرتد لا عاقلة له فالدية في ماله ، وإن قلنا : يقر ، فالدية على عاقلته ، على أي دين كانوا ؛ وليكن تحملهم على خلاف نذكره إن شاء الله تعالى متصلا به . رمى ذمي صيدا ؛ فأسلم ، ثم أصاب إنسانا
ولو ؛ فأرش الجرح على عاقلته الذميين ، والباقي في ماله ؛ فإن زاد أرش الجرح على دية بأن قطع يديه ورجليه ؛ فالواجب دية النفس على عاقلته الذميين ؛ قاله جرح ذمي رجلا خطأ ، وأسلم ، ثم مات المجروح ابن الحداد ووافقه الجمهور ، وفيه وجه قطع به في " المهذب " أن الأرش والزائد على العاقلة الذميين اعتبارا بحال الجرح ، ولو عاد بعد الإسلام وجنى على المجني عليه جناية أخرى خطأ ، ومات منهما ؛ فنصف الدية على عاقلته المسلمين .
وأما الذميون ، فإن كان أرش الجرح نصف الدية أو أكثر ؛ فعليهم النصف أيضا ، وإن كان أقل كأرش موضحة ؛ فهو على الذميين ، وما زاد إلى تمام النصف ؛ فعلى الجاني ، وإن كان الجرح بعد الإسلام مذففا قال الشيخ أبو علي وغيره : أرش الجرح الواقع في الكفر على الذميين ، والباقي إلى تمام الدية على المسلمين ، وفي " النهاية " و " البيان " إن هذا تفريع على قول ابن سريج فيمن جرح ثم قتل أنه لا يدخل أرش جرحه في الدية ؛ وأما على الصحيح وهو الدخول ؛ فجميع الدية على المسلمين .
ولو عاد بعد الإسلام ؛ فجرحه مع آخر خطأ ، بني على الخلاف السابق أن الدية توزع على الجارحين أم على الجراحات ؟ إن قلنا : على الجارحين وهو الأصح ؛ فعليه نصف الدية وهو واجب بالجرحين ؛ فحصة جرح الإسلام وهي الربع على عاقلته المسلمين .
وأما جرح الكفر ؛ فإن كان أرشه كربع الدية أو أكثر ؛ فعلى الذميين الربع أيضا ، وإن كان دون الربع ؛ فعليهم قدر الأرش ، والزيادة إلى تمام الربع في مال الجاني ؛ وإن وزعنا على الجراحات ؛ فثلث الدية وهو حصة جرح الإسلام على عاقلته المسلمين ، وجرح الكفر إن كان [ ص: 354 ] أرشه كثلث الدية أو أكثر ؛ فعلى الذميين الثلث ، وإن كان أقل ، فعليهم الأرش ، والباقي إلى تمام الثلث في مال الجاني .
ومنها : لو ، فأرش الجرح على عاقلته المسلمين ، والباقي إلى تمام الدية في مال الجاني ؛ فإن كان الأرش كالدية ، أو أكثر بأن قطع يديه ورجليه ؛ فقدر الدية وهو الواجب يلزم العاقلة . جرح شخصا خطأ ، ثم ارتد ، ثم مات المجروح بالسراية
ولو ؛ فالدية في ماله إذ لا عاقلة للمرتد . ولو جرح وهو مرتد ، ثم أسلم ، ثم مات المجروح ؛ فهل على عاقلته جميع الدية اعتبارا بالطرفين ، أم عليهم أرش الجرح وما زاد في مال الجاني ؟ جرحه وهو مسلم ؛ فارتد الجارح ، ثم أسلم ، ثم مات المجروح
قال الشيخ أبو علي : فيه قولان ، وجزم آخرون بوجوب الجميع عليهم إن قصر زمان الردة المتخللة ، وخصوا القولين بطول زمانها ، قال البغوي : ويجيء وجه أن على العاقلة ثلثي الدية لوجود الإسلام في حالين .
ولو رمى سهما إلى صيد وارتد ، فأصاب شخصا ، أو ؛ فالدية في ماله ؛ لأنه تبدل حاله رميا وإصابة ، ولو تخللت الردة بين الرمي والإصابة ؛ فكذا الجواب في " التهذيب " . وذكر أبو علي أنهم خرجوها على قولين ؛ أحدهما : تجب الدية على عاقلته المسلمين ، والثاني : في ماله . رمى المرتد صيدا فأسلم فأصاب السهم
الجهة الثالثة : بيت المال ؛ فيتحمل جناية من لا عصبة له بنسب ولا ولاء ، أو له عصبة معسرون ، أو فضل عنهم شيء من الواجب ؛ فيجب الباقي في بيت المال إن كان الجاني مسلما ؛ فإن كان مستأمنا أو ذميا فلا ، بل الدية في ماله على المذهب ، وقيل : قولان ؛ كمسلم لا عاقلة له ولا بيت مال ، وهل يتحمل أبوه وابنه ؟ وجهان كالوجهين في المسلم إذا لم يكن له عاقلة ولا بيت مال ، وقلنا : تجب عليه الدية ، هل [ ص: 355 ] يلزم أباه وابنه ؟ وأما المرتد ؛ فلا عاقلة له ، فدية قتله خطأ في ماله مؤجلة ؛ فإن مات ، سقط الأجل .