الطرف الخامس في حكم السحر : اعلم أن وقع بعضه في أول الجنايات ، وبعضه هنا ، ومعظمه في آخر كتاب دعوى الدم وقد رأيت تقديم هذا الأخير إلى هنا ؛ فالساحر قد يأتي بفعل أو قول يتغير به حال المسحور ؛ فيمرض [ ص: 346 ] ويموت منه . وقد يكون ذلك بوصول شيء إلى بدنه من دخان وغيره ، وقد يكون دونه . حكم السحر
وقال أبو جعفر الاسترابادي من أصحابنا : لا حقيقة للسحر وإنما هو تخييل ؛ والصحيح أن له حقيقة كما قدمناه ، وبه قطع الجمهور ، وعليه عامة العلماء ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة .
ويحرم فعل السحر بالإجماع ، ومن اعتقد إباحته فهو كافر ، وإذا قال إنسان : تعلمت السحر ، أو أحسنه ، استوصف ؛ فإن وصفه بما هو كفر فهو كافر ؛ بأن يعتقد التقرب إلى الكواكب السبعة .
قال القفال : ولو قال : أفعل بالسحر بقدرتي دون قدرة الله تعالى فهو كافر ، وإن وصفه بما ليس بكفر فليس بكافر .
وأما ؛ ففيه ثلاثة أوجه ، الصحيح الذي قطع به الجمهور : أنهما حرامان ، والثاني : مكروهان ، والثالث : مباحان ، وهذان إذا لم يحتج في تعليمه إلى تقديم اعتقاد هو كفر . تعلم السحر وتعليمه
قلت : قال إمام الحرمين في كتابه " الإرشاد " : لا يظهر السحر إلا على فاسق ، ولا تظهر الكرامة على فاسق ، وليس ذلك بمقتضى العقل ، ولكنه مستفاد من إجماع الأمة . وذكر المتولي في كتابه " الغنية " نحو هذا . والله أعلم .
واعلم أن التكهن ، ، وإتيان الكهان ، وتعليم هذه كلها حرام ، وأخذ العوض عليها حرام بالنص الصحيح في حلوان الكاهن ، والباقي بمعناه ، وقد أوضحت هذا الفصل في " تهذيب الأسماء واللغات " عند ذكر الحلوان والكهانة ، ونبهت فيه على النصوص ، وأقوال العلماء في تحريمه ، ولا يغتر بجهالة من يتعاطى الرمل وإن نسب نفسه ، أو نسبه الناس إلى علم ، كما لا يغتر به فيما يعرفه من حاله من تساهله في الشبهات ، [ ص: 347 ] وبعض المحرمات ، وأما الحديث الصحيح : " وتعلم الكهانة والتنجيم والضرب بالرمل وبالشعير والحصى " فمعناه : من علمتم موافقته له ؛ فلا بأس ، ونحن لا نعلم الموافقة ، فلا يجوز ؛ لأن الجواز معلق بمعرفة الموافقة . والله أعلم . كان نبي من الأنبياء يخط ؛ فمن وافق خطه فذاك