الثانية : ، فللجناية أحوال . قطع عضو زيد ، كيده أو أصبعه ، فعفا عن موجب الجناية قودا أو أرشا
أحدها : أن تندمل ، فلا قصاص ولا أرش ، وقال المزني : يجب أرشه ، وسواء اقتصر على قوله : عفوت عن موجبها ، أو قال : وعما يحدث منها ، لأنه لم يحدث شيء .
ولو قال : عفوت عن هذه الجناية ، ولم يزد ، نص في " الأم " أنه عفو عن القصاص ، وعن الأصحاب أنه تفريع على قولنا : موجب العمد القود فإن قلنا : أحد الأمرين ، ففي بقاء الدية احتمالان للروياني .
الثاني : أن يسري القطع إلى النفس ، فلا قصاص في النفس ، كما لا قصاص في الطرف ، وعن ابن سريج وابن سلمة وجوب قصاص النفس ، لأنه لم يدخل في العفو ، فعلى هذا إن عفا عن القصاص ، فله نصف الدية فقط ، لسقوط نصفها بالعفو عن اليد ، والصحيح الأول .
وأما المال ، فهو قسمان ، أرش اليد والزيادة عليه إلى تمام الدية ، فأما أرش اليد ، فينظر ، إن جرى لفظ الوصية بأن قال : أوصيت له بأرش هذه الجناية ، فهي وصية للقاتل ، وفيها القولان ، فإن أبطلناها ، لزمه أرش اليد ، وإن صححناها ، سقط الأرش إن خرج من الثلث ، وإلا سقط منه قدر الثلث .
وإن جرى لفظ العفو أو الإبراء أو الإسقاط ، بأن قال : عفوت عن أرش هذه الجناية ، أو أبرأته ، أو أسقطته ، فقيل : هو كالوصية للاتفاق على أنه يعتبر من الثلث ، فيكون على القولين ، والمذهب أنه يسقط قطعا ، لأنه إسقاط ناجز .
والوصية ما تعلق بالموت ، وأما الزيادة فهي واجبة إن اقتصر على العفو عن موجب الجناية ولم يقل : وما يحدث منها ، فإن قال : وما يحدث ، نظر ، إن قاله بلفظ الوصية ، كقوله : أوصيت له بأرش هذه الجناية وأرش ما يحدث منها ، أو يتولد ، [ ص: 244 ] أو يسري إليه ، بني على القولين في الوصية للقاتل ، ويجيء في جميع الدية ما ذكرناه في أرش اليد ، وإن قال : عفوت عنه ، أو أبرأته من ضمان ما يحدث ، أو أسقطته ، لم يؤثر فيما يحدث على الأظهر ، فيلزمه ضمانه ، لأنه إسقاط قبل الثبوت .
والثاني : يؤثر ، فلا يلزمه شيء ، هذا كله إذا كان الأرش دون الدية ، فأما إذا قطع يديه ، فعفا عن أرش الجناية وما يحدث منها ، فإن لم نصحح الوصية ، وجبت الدية بكمالها ، وإن صححناها ، سقطت بكمالها إن وفى بها الثلث ، سواء صححنا الإبراء عما لم يجب ، أم لم نصححه .
الثالث : أن يسري إلى عضو آخر ، بأن قطع أصبعه فتآكل باقي الكف بها ، ثم اندمل ، فلا قصاص ، ويمكن أن يجيء فيه خلاف ، وأما الدية ، فتسقط دية العضو المقطوع بالعفو ، ولا يسقط ضمان السراية على الأصح .
فإن قال : عفوت عن هذه الجناية وما يحدث منها ، فإن لم نوجب الضمان إذا أطلق ، فهنا أولى ، وإلا فعلى الخلاف في الإبراء عما لم يجب وجرى سبب وجوبه .