فرع .
تحبس كما ذكرنا فيما إذا كان في المستحقين صبي ، ولو كان عليها رجم ، أو غيره من حدود الله تعالى ، لم تحبس على الصحيح ، لأنه على التخفيف ، وقيل : تحبس ، كالقصاص ، قال الإمام : وإطلاق هذا الوجه بعيد . الحامل في القصاص إلى أن يمكن الاستيفاء
والأقرب أنه مخصوص بما إذا ثبت بالبينة ، فإن ثبت بالإقرار ، فلا معنى للحبس مع أنه بعرض السقوط بالرجوع .
[ ص: 227 ] فرع .
جميع ما ذكرناه إذا ثبت الحمل بإقرار المستحق ، أو شهادة النسوة ، فلو ؟ وجهان . ادعت الجانية الحمل ، هل يمتنع عنها بمجرد دعواها
قال الإصطخري : لا ، وقال الجمهور : نعم وهو الصحيح .
قال الإمام : ولا أدري أيقول هؤلاء بالصبر إلى انقضاء مدة الحمل أم إلى ظهور المخايل ، والأرجح الثاني ، فإن التأخير أربع سنين من غير ثبت بعيد ، قال : فعلى قول الغزالي الإصطخري : لا يمكن الاقتصاص من منكوحة يخالطها زوجها ، وهذا إن أراد به إذا ادعت الحمل ، فهو كذلك ، وإن أراد الامتناع بمجرد المخالطة والوطء بغير دعواها ، فليس كذلك ، لأن الأصل عدم الحمل .
فرع .
إذا على خلاف ما أمرنا به ، نظر ، إن بادر إليه الولي مستقلا ، أثم ووجبت غرة الجنين إن انفصل ميتا ، وتكون على عاقلة الولي ، وإن انفصل حيا متألما فمات ، وجبت الدية ، وإن أذن له الإمام في قتلها ، فقتلها ، فنتكلم في ثلاثة أشياء . قتلت الحامل
أحدها : الإثم وهو تبع للعلم فإن علم الولي والإمام بالحمل ، أثما ، وإن جهلا ، فلا ، وإن علم أحدهما ، اختص بالإثم .
الثاني : الضمان ، فإن لم ينفصل الجنين ، فلا ضمان ، وإن انفصل ميتا ، ففيه الغرة والكفارة ، وإن انفصل حيا متألما فمات به ، ففيه دية وكفارة . وإن انفصل سليما ، ثم مات ، لم يجب فيه شيء .
الثالث : فيمن عليه الضمان ، فإن كان الإمام والولي عالمين أو جاهلين ، فالصحيح المنصوص أن الضمان على الإمام ، لأن البحث عليه ، وهو الأمر به ، وقيل : على الولي ، لأنه المباشر ، وقيل : [ ص: 228 ] عليهما بالسوية ، وإن كان الإمام عالما ، والولي جاهلا ، فإن أوجبنا الضمان إذا علما على الإمام ، فهنا أولى ، وإلا فوجهان .
وإن كان الولي عالما والإمام جاهلا ، فالصحيح أن الضمان على الولي ، وقيل : على الإمام لتقصيره .
وحيث ضمنا الولي ، فالغرة على عاقلته ، والكفارة في ماله ، وحيث ضمنا الإمام ، فإن كان عالما ففي ماله ، وإن كان جاهلا ، فعلى القولين في أن ما يجب بخطأ الإمام في الاجتهاد ، هل هو على عاقلته أم في بيت المال ؟ أظهرهما وهو المنصوص هنا : أنه على عاقلته ، وبه قطع ابن سلمة ، وإذا قلنا : الدية والغرة في بيت المال ، ففي الكفارة وجهان ، لقربها من القربات ، وبعدها من التحمل . وأبو علي الطبري
ولو ، فإن كان جاهلا ، فلا ضمان عليه بحال ، لأنه سيف الإمام ، وإن كان عالما ، فخلاف مرتب على ما إذا أذن الإمام للولي وعلم الولي ، وأولى بأن لا ضمان ، لأنه آلة الإمام ، ولهذا لا كفارة عليه إذا جرى على يده قتل بغير حق . باشر القتل نائب الإمام ، أو جلاده دون الولي
؟ وجهان . وهل يؤثر علم الولي مع الجلاد
أصحهما : نعم ، حتى إذا كانوا عالمين ، ضمنوا أثلاثا ، هذا كله في ضمان الجنين ، أما الأم فلا يجب ضمانها ، لأنها تلفت في حد أو عقوبة عليها ، قال البغوي : هذا إذا ماتت بألم الضرب .
فإن ماتت بألم الولادة ، وجبت ديتها ، وإن ماتت منهما ، وجب نصف ديتها والمراد إذا ضربها في الحد ، فأفضى إلى الإجهاض وماتت .
فرع .
إذا ؟ . لم يعلم الإمام الحمل فأذن للولي في القتل ، ثم علم ، فرجع عن الإذن ، ولم يعلم الولي رجوعه ، فقتل ، فعلى من الضمان
يبنى ذلك على ما إذا عفا الموكل عن القصاص ولم يعلم الوكيل ، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى .
[ ص: 229 ] فرع .
ليس المراد مما أطلقناه من العلم بالحمل وعدمه ، حقيقة العلم ، بل المراد ظن مؤكد بمخايله وبالله التوفيق .