[ ص: 72 ] الباب الثالث في الإعسار بنفقة الزوجة
فيه أربعة أطراف :
الأول : في ثبوت الفسخ به ، فإذا ، فالذي نص عليه عجز الزوج عن القيام بمؤن الزوجة الموظفة عليه - رضي الله عنه - في كتبه قديما وجديدا أنها بالخيار إن شاءت صبرت ، وأنفقت من مالها ، أو اقترضت ، وأنفقت على نفسها ، ونفقتها في ذمته إلى أن يوسر ، وإن شاءت طلبت فسخ النكاح ، وقال في بعض كتبه بعد ذكر هذا : وقد قيل : لا خيار لها . وللأصحاب طريقان : أحدهما : القطع بأن لها حق الفسخ ، وهذا أرجح عند الشافعي ابن كج ، وأصحهما : إثبات قولين ، المشهور منهما أن لها الفسخ ، والثاني : لا . فالمذهب ثبوت الفسخ ، فأما إذا امتنع من دفع النفقة مع قدرته فوجهان ، أحدهما : لها الفسخ لتضررها ، وأصحهما : لا فسخ لتمكنها من تحصيل حقها بالسلطان ، وكذا لو قدرت على شيء من ماله ، أو غاب وهو موسر في غيبته ، ولا يوفيها حقها ، ففيه الوجهان : أصحهما : لا فسخ وكان المؤثر تغيبه لخراب ذمته ، ولكن يبعث الحاكم إلى حاكم بلده ، ليطالبه إن كان موضعه معلوما ، وعلى الوجه الآخر : يجوز الفسخ إذا تعذر تحصيلها ، وهو اختيار والروياني وإليه مال القاضي الطبري ابن الصباغ ، وذكر الروياني وابن أخته صاحب " العدة " أن المصلحة الفتوى به ، وإذا لم نجوز الفسخ ، والغائب موسر ، فجهلنا يساره وإعساره ، فكذلك الحكم ، لأن السبب لم يتحقق ، ومتى ثبت إعسار الغائب عند حاكم بلدها ، فهل يجوز [ ص: 73 ] الفسخ ، أم لا يفسخ حتى يبعث إليه فإن لم يحضر ، ولم يبعث النفقة ، فحينئذ يفسخ ؟ فيه وجهان : أصحهما الأول ، وبه قطع المتولي . ولو كان الرجل حاضرا ، وماله غائب ، فإن كان على دون مسافة القصر ، فلا فسخ ، ويؤمر بتعجيل الإحضار ، وإن كان على مسافة القصر ، فلها الفسخ ولا يلزمها الصبر . ولو كان له دين مؤجل ، فلها الفسخ إلا أن يكون الأجل قريبا ، وينبغي أن يضبط القرب بمدة إحضار المال الغائب فيما دون مسافة القصر . وإن كان الدين حالا وهو على معسر ، فلها الخيار ، وإن كان على موسر حاضر ، فلا خيار ، وإن كان غائبا فوجهان . ولو كان له دين على زوجته ، فأمرها بالإنفاق منه ، فإن كانت موسرة ، فلا خيار لها ، وإن كانت معسرة ، فلها الفسخ ، لأنها لا تصل إلى حقها ، والمعسر منظر ، وعلى قياس هذه الصور لو كان له عقار ونحوه لا يرغب في شرائه ينبغي أن يكون لها الخيار ، ومن عليه ديون تستغرق ماله لا خيار لزوجته حتى يصرف ماله إلى الديون .
لو تبرع رجل بأداء النفقة عن المعسر ، لم يلزمها القبول ، ولها الفسخ كما لو كان له دين على إنسان فتبرع غيره بقضائه ، لا يلزمه القبول ، لأن فيه منة للمتبرع ، وحكى وجها ؛ أنه لا خيار لها ، لعدم تضررها بفوات النفقة ، والصحيح الأول . قال ابن كج المتولي : ولو كان بالنفقة ضامن ، ولم نصحح ضمان النفقة فالضامن كالمتبرع ، وإن صححناه ، فإن ضمن بإذن الزوج ، فلا خيار ، وبغير إذنه وجهان .
فرع
لو ، فلا فسخ ، ويصير الباقي دينا عليه . لم يعطها الموسر إلا نفقة المعسر
[ ص: 74 ]