فصل : فأما الجواب عن استدلالهم بالآية ، وأن الزيادة عليها نسخ فمن ثلاثة أوجه :
أحدهما : أن النسخ عندنا رفع ما لزم دوامه ، والنسخ عندهم أن يصير ما كان مجزئا غير مجزئ ، وليس في هذه الآية رفع ما لزم دوامه ، فيكون نسخا عندنا ، ولا فيهما ، إن صار ما يجزئ غير مجزئ ، فيكون نسخا عندهم فصرنا مجمعين على أن ليس في هذا نسخ .
والجواب الثاني : أننا قد رددنا على ما في آية الشهادة ، إن قبلنا في الولادة شهادة النساء منفردات ، وهم قبلوا شهادة القابلة ، وحدها . فلما لم تكن هذه الزيادة نسخا لم تكن اليمين مع الشاهد نسخا .
والجواب الثالث : أن ما في آية الشهادة محمول على حال التحمل ، واليمين مع الشاهد معتبرة في الأداء دون التحمل ، فلم تصر زيادة على النص .
وأما الجواب عن الخبرين فهو أن التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم في جنبة المدعى عليه ، هي غير التي جعلناها في جنبة المدعي ، لاختلافهما من وجهين :
أحدهما : وجوبها من المدعى عليه ، وجوازها في جنبة المدعي .
والثاني : أن تلك للنفي ، وهذه للإثبات فلم يصح المنع ، وبمثله يجاب عن الاستدلال الأول .
[ ص: 73 ] وقياسهم على اليمين ، مع المرأتين والجواب عنه أن المرأتين في الشهادة يضعفان عن حكم الرجل من وجهين :
أحدهما : أنهما يقبلان مع الرجل في الأموال فقط ويقبل الرجل مع الرجل في كل الأحكام .
والثاني : أن المرأتين لو انضاف إليهما مثلهما في الأموال فصرن أربعا لم يحكم بهن ، ويحكم بالرجل ، إذا انضاف إلى الرجل ، فلما كان الرجل أقوى من المرأتين ، جاز أن تضاف إلى الأقوى ، ويمنع منها مع الأضعف . وأما استدلالهم بيمين العبد ، والفاسق ، فالجواب عنه أنه ما تعلق باليمين ، لم تعتبر فيه الحرية والعدالة كما لم تعتبر في يمين المدعى عليه ، ولئن قامت مقام الشاهد في استيفاء الحصر ، فلا يعتبر فيهما ما يعتبر في الشهادة ، كالأيمان في القسامة .
وأما الجواب عند استدلالهم بأن ترتيب اليمين بعد الشهادة يمنع أن يكون كالشاهد فهو أنها مقوية بشهادة الشاهد ، فلذلك لم يجز أن تكون إلا بعدها ، وخالف حال الشاهدين ، لأن كل واحد منهما مقو بصاحبه .