مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : وإن كان لم يكن له القود فيأخذ أكثر وله حكومة يد شلاء . المقطوع أشل
قال الماوردي : لا يجوز أن يقتص من اليد السليمة باليد الشلاء .
وقال داود : يقتص من السليمة بالشلاء اعتبارا بمطلق الاسم ، كما يقتص من القوية بالضعيفة ومن الصحيحة بالمريضة ولأنه لما اقتص من الأذن السليمة بالأذن المستحشفة ، والاستحشاف شلل ، كذلك شلل اليد ، وهذا خطأ ، لقول الله تعالى : وجزاء سيئة سيئة مثلها [ الشورى : 45 ] وليست الشلاء مثلا لسليمة فلم يجز أن تؤخذ بها ، ولأن البصير إذا قلع عينا قائمة لا تبصر لم يقتص بها من عينه المبصرة مع وجود الحياة فيما قلع ، فكل شلل اليد مع هذه الحياة فيها أولى أن لا يقتص منها من يد ذات حياة .
فإن قيل : لو كانت الشلاء ميتة لما حل أكلها من الحيوان المذكى ؟
قيل : إنما حل أكلها لحما وإن كانت ميتة : لأنها صارت تبعا لمذكى كالجنين إذا [ ص: 163 ] مات بذكاة أمه ، ولأن قطع الشلاء من حي كقطعها من ميت ، لأنها في الحالين ميتة ، وقطعها من الميت لا يوجب القصاص ، فكذلك قطعها من الحي .
فإن قيل فقطعها من الميت لا يضمن بالأرش ، وقطعها من الحي مضمون بالأرش فجاز أن تضمن بالقود وإن لم تضمن به يد الميت ؟
قيل : لأن اليد تبع للجسد ، وجسد الميت غير مضمون فلم تضمن يده ، وجسد الأشل مضمون فضمنت يده وخلاف نفس الضعف والمرض لوجود الحياة معهما وحصول النفع بهما ، فأما قولان : أحدهما : لا قصاص كاليد الشلاء . الأذن المستحشفة ففي الاقتصاص بها من السليمة
والقول الثاني : يقتص بها من السليمة بخلاف اليد الشلاء .
والفرق بينهما : أن منفعة الأذن هو حصول الجمال بها ، وهذا موجود في المستحشفة كوجوده في السليمة ، ومنفعة اليد قبضها وبسطها والعمل بها ، وهذا مفقود في الشلاء موجود في السليمة فافترقا .