مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولا أعلم على أبيها إخراجها إليها إلا أن تمرض فيؤمر بإخراجها عائدة وإن ماتت البنت لم تمنع الأم من أن تليها حتى تدفن ولا تمنع في مرضها من أن تلي تمريضها في منزل أبيها " قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا زيارة العائد ، ولئن كانت ممنوعة من البروز لتألف الخفر ، فهذه حالة ضرورة يتسع حكمها ، وتعود البنت إلى منزل أبيها بعد تقضي زمان العيادة : لأنه ليس فيها مع الصغر فاضل لتمريض الأم ، فانصرفت بعد العيادة ، فإن مرضت الأم وجب على الأب إخراج بنتها لتزورها أقامت عندها حتى توارى ، ومنعها من اتباع جنازتها وزيارة قبرها لما فيها من التبرج ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ماتت الأم فلو لعن الله زورات القبور كانت الأم أحق بتمريضها من الأب لأمرين : مرضت البنت في منزل أبيها
أحدهما : أن النساء بتعليل المرض أقوم من الرجال .
والثاني : أنها تصير بضعف المرض كالعائدة إلى حال الصغر ، والأم أحق بها في صغرها من الأب ، فإذا أرادت الأم تمريضها فالأب فيها بين خيارين : إما أن ينقلها إلى منزل الأم ، لتقوم بتمريضها فيه فإذا برأت عادت إليه ، وليس لها منع الأب من الدخول لعيادة بنته ، وإما أن يفرد لها في منزله موضعا تخلو لتمريضها فيه ، وليكن بينهما من [ ص: 509 ] ثقات النساء أو ذوي الأرحام المحارم من تنتفي به التهمة عنهما ، فإذا برأت انصرفت الأم إلى منزلها ، وإن ماتت أقامت الأم لمواراتها حتى تدفن ، وليس للأب أن يمنعها من البكاء عليها ، وله أن يمنعها من النياحة واللطم ، ويمنعها من اتباع جنازتها في حق الله تعالى وحقه ، ويمنعها من زيارة قبرها إن دفنت في ملكه ، فإن دفنت في غير ملكه منعها من الزيارة في حق الله تعالى دون حقه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : . لعن الله زورات القبور