مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن اختار أباه لم يكن له منعه من أن يأتي أمه وتأتيه في الأيام وإن كانت جارية لم تمنع أمها من أن تأتيها " .
قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو حال من أن يكون غلاما أو جارية ، فإن كان غلاما فله حالتان : الولد المكفول
إحداهما : أن يختار أمه فيأوي في الليل إليها ويكون في النهار مع أبيه إن كان من أهل الصناعة أو في الكتاب إن كان من أهل التعليم وليس للأم أن تقطعه في النهار إليها " لما يدخل عليه من الضرر في تعطيله عن تعليم أو صناعة .
والحال الثانية : أن يختار أباه فهو أحق به ليلا ونهارا : ليأوي في الليل إليه ويكون في النهار متصرفا بتدبير أبيه ، إما في كتاب يتعلم فيه ، وإما في صناعة يتعاطاها وعليه أن ينفذه إلى زيارة أمه في كل يومين أو ثلاثة ، وإن كان منزلها قريبا فلا بأس أن يدخل عليها في كل يوم ليألف برها ، ولا يمنعه منها فيألف العقوق وإن كانت جارية : فلها حالتان :
إحداهما : أن تختار أمها فتكون أحق بها ليلا ونهارا بخلاف الغلام : لأن الجارية [ ص: 508 ] من ذوات الخفر فتمنع من البروز ليلا ونهارا لتألف الصيانة ولأبيها إذا أراد زيارتها أن يدخل عليها مشاهدا لها ومتعرفا لخبرها ، لتألفه ويألفها ، ولا يطيل ، وليكن مع الأم عند دخول الأب لزيارة بنته ذو محرم أو نساء ثقات لتنتفي ريبة الخلوة بعد تحريم الطلاق .
والحال الثانية : أن تختار أباها فتكون معه وعنده ليلا ونهارا ، فإن أرادت الأم زيارتها دخلت عليها ولزم الأب أن يمكنها من الدخول عليها ولا يمنعها فتوله والدة على ولدها ، وقد نهي عنه ، وينظر حال الأب عند دخول الأم على بنتها ، فإن كان خارجا جاز أن تدخل الأم وحدها ، وإن كان مع بنته في داره لم تدخل إلا مع امرأة ثقة لينتفي عنهما التهمة ، ولا يحصل بينها وبين من حرمت عليه خلوة ، وليس للأم إذا أرادت زيارتها أن يخرجها إليها : لأنها من ذوات الخفر فتمنع من الخروج حتى لا تألف التبرج .
فإن قيل : فالأمر بهذه الحالة ، فكيف تكون هي الخارجة إلى بنتها ولا تكون البنت خارجة إليها .
قيل : لأن الحذر على البنت أكثر ، وحالها في الصغر أخطر .