مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإذا استكمل سبع سنين ذكرا كان أو أنثى وهو يعقل عقل مثله خير ، وقال في كتاب النكاح القديم : إذا بلغ سبعا أو ثمان سنين خير إذا كانت دارهما واحدة وكانا جميعا مأمونين على الولد ، فإن كان أحدهما غير مأمون فهو عند المأمون منهما حتى يبلغ " .
قال الماوردي : وهذا صحيح . إذا ثبت ، فهو معتبر بشروط في الولد وشروط في الأبوين ، فأما تخيير الولد بين أبويه في زمان الكفالة وبعد خروجه من حد الحضانة فثلاثة : الشروط المعتبرة في الولد
أحدها : الحرية ، فإن كان عبدا فلا كفالة لأبويه سواء كانا حرين أو مملوكين ، وسيده أحق به ملكا لا كفالة ، وعليه أن يقوم له بما عجز عنه ، فإن كانت أمه ملكا لسيده لم يجز أن يفرق بينهما في زمان الحضانة ، وفي جواز التفرقة بينهما في زمان الكفالة ما بين سبع والبلوغ على قولين ، وإن كان أبوه ملكا لسيده ، ففي إجراء حكم الأم عليه في المنع من التفرقة بينهما وجهان : فلو بما فيه من الحرية إذا كانا حرين ، فإذا اختار أحدهما اجتمع مع سيده المالك لرقه على ما يتفقان عليه في كفالته من اشتراط فيها أو مهايأة عليها أو استنابة فيها ، فإن تنازعا اختار الحاكم لهما أمينا ينوب عنهما في كفالته . بعض الولد حرا وبعضه مرقوقا خير بين أبويه
والشرط الثاني : أن يميز ويعقل عقل مثله ليكون متصورا حظ نفسه في الاختيار ، فإن كان لم يخير ، وكان مع أمه كحاله في زمان الحضانة ، فإن كان مخبولا أو مجنونا لا يميز بين منافعه ومضاره لصحة تمييزه ومعرفته بحظ نفسه . مريضا لم يمنع المرض من تخييره
والشرط الثالث : انتهاؤه إلى السن التي يستحق التخيير فيها ، قال الشافعي : هاهنا [ ص: 502 ] في سبع سنين ، وقال في كتاب عشرة النساء من النكاح القديم : إذا بلغ سبعا أو ثماني سنين خير ، وليس ذلك على اختلاف قولين ، وإنما هو على اختلاف حالين في مراعاة أمره في ضبطه وتحصيله ومعرفته أسباب الاختيار ، فإن تقدم ذلك فيه ووجد لسبع لفرط ذكائه ، وإن تأخر لبعد فطنته خير في الثامنة عند ظهور ذلك فيه ويكون موكولا إلى رأي الحاكم واجتهاده عند الترافع إليه .