[ ص: 498 ] [ باب أي الوالدين أحق بالولد من كتب عدة ] مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن أبي ميمونة عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وما جاء عن أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خير غلاما بين أبويه ، وعن عمارة الجرمي قال : خيرني علي رضي الله عنه بين أمي وعمي ثم قال لأخ لي أصغر مني وهذا أيضا لو قد بلغ مبلغ هذا خيرته " . وقال في الحديث : وكنت ابن سبع أو ثمان سنين " .
قال الماوردي : اعلم أن افتراق الأبوين إذا كان بينهما ولد لا يخلو حاله معهما من أربع أحوال :
إحداها : حال رضاع .
والثانية : حال حضانة .
والثالثة : حال كفالة .
والرابعة : حال كفاية .
أما الحالة الأولى : وهي الرضاع فقد ذكرناه ، وقدره الشرع بحولين إلا أن يتراضى الأبوان على الزيادة والنقصان فيعمل على تراضيهما ، فإن اختلفا عمل على تقديره بالحولين شرعا والأم أحق برضاعه على ما وصفناه .
وأما الحالة الثانية : وهي الحضانة ، فهي ترتيبه ومراعاة مصلحته في وقت يعجز ولا يميز بين ضرها ونفعها وذلك فيما دون سبع سنين فتمضي الأم بحضانته ، ويغرم الأب بنفقته ؛ لما رواه ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو " . فانطلقت به ؛ ولأن الأم بتربية ولدها أحن وعليه أجبن ؛ لما جبلت عليه من فضل الميل إلى الأولاد وكثرة الحنو والإشفاق ؛ ولأن النساء [ ص: 499 ] أخص بآلة التربية من الرجال فصارت الأم لذلك أحق لحضانته من الأب مع تكافئهما في الأمانة والسلامة . أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها فقالت : إن ابني هذا كان بطني له وعاء ، وثديي له شفاء ، وحجري له حواء ، وإن أباه طلقني ، ويريد أن ينتزعه مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كنت أحق به ما لم تنكحي