[ القول في الإعسار بالصداق ] .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن قال هذا لزمه عندي إذا لم يجد صداقها أن يخبرها لأنه شبيه بنفقتها ( قال المزني ) رحمه الله : قد قال ولو لم يكن لها فراقه ؛ لأنه لا ضرر على بدنها إذا أنفق عليها في استئخار صداقها ( قال أعسر بالصداق ولم يعسر بالنفقة فاختارت المقام معه المزني ) فهذا دليل على أن لا خيار لها فيه كالنفقة " .
قال الماوردي : اعلم أن للشافعي في كلاما محتملا قاله هاهنا وفي الإملاء اختلف أصحابه لأجله اختلافا منتشرا جملته أن يتخرج في إعساره بصداقها ثلاثة أقاويل : إعسار الزوج بصداق زوجته
أحدها : لها قبل الدخول وبعده كالنفقة ، وهو الظاهر من كلام الخيار في إعساره بصداقها الشافعي في هذا الموضع ؛ لأن الصداق أقوى المقصودين لاستحقاقه بالعقد فإذا ثبت لها الخيار في أضعفهما كان ثبوته في الأقوى أحق .
والقول الثاني : وهو اختيار المزني : لا خيار لها قبل الدخول وبعده لمخالفة الصداق النفقة من وجهين :
أحدهما : أن يضعها بعد الدخول مستهلك فصار كاستهلاك المبيع في الفلس لا خيار فيه للبائع ، وقبل الدخول يسقط صداقها بالفسخ من غير بدل فلم يكن الفسخ فيه إلا ضررا .
والثاني : أنه لا يدخل عليها بتأخر الصداق عنها ضرر في بدنها ويقوم بدنها [ ص: 462 ] بتأخيره وفقد النفقة لا يقوم معه بدن ولا يمكن معه صبر فافترقا في الخيار من هذين الوجهين .
والقول الثالث : وهو اختيار أبي إسحاق المروزي وابن أبي هريرة وأكثر أصحابنا : أن لها الخيار قبل الدخول ولا خيار لها بعده لأمرين :
أحدهما : أن بعضها بعد الدخول مستهلك فسقط خيارها كما يسقط خيار البائع بتلف المبيع في يد المفلس ، وهو قبل الدخول غير مستهلك فثبت لها الخيار كما يثبت للبائع مع بقاء المبيع .
والثاني : أنه لما كان لها الامتناع من تسليم نفسها قبل الدخول حتى تقبض صداقها ولم يكن لها الامتناع بعد الدخول كانت يدها فيه قبل الدخول أقوى فثبت لها الخيار في الإعسار وبعد الدخول أضعف فسقط خيارها في الإعسار .