مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : ( فبينت السنة أن ، وسئل لبن الفحل يحرم كما تحرم ولادة الأب ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل كانت له امرأتان فأرضعت إحداهما غلاما والأخرى جارية هل يتزوج الغلام الجارية ؟ فقال : لا اللقاح واحد ، وقال مثله عطاء وطاوس ( قال الشافعي ) رحمه الله : فبهذا كله نقول وكان به من ذوي المحارم " . قاله فكل ما حرم بالولادة وبسببها حرم بالرضاع الماوردي : وأصل هذا أن اللبن يحدث بعد علوق الحمل ليكون غذاء للولد ، فإذا كان المولود ولدا للزوجين لحدوثه من مائهما ، وجب أن يكون المرتضع ولدا لها لاغتذائه بلبنها : لأن اللبن تابع للماء ؛ لأن الماء أصل خلقه ، واللبن حافظ لحياته ، وإذا كان كذلك نظر في المولود ، فإن كان حقا بالواطئ لكونه من نكاح أو ملك يمين أو شبهة واحد منهما تبعه المرتضع في لبنه ، فكان ولد رضاع للواطئ والمرضعة ، وإن كان المولود غير لاحق بالواطئ لكونه من زنا صريح تبعه المرضع في انتفائه عن الواطئ ، وكان ولد رضاع للمرضعة دون الواطئ فيصير المرتضع تابعا للمولود في لحوقه وانتفائه ، فإذا ألحقا بالزوج الواطئ فهو المراد بقول الشافعي : إن إشارة إلى أن نزول اللبن في ثدي لبن يرضع به ولدا فيصير ولده من الرضاع ، فإذا ألحق ولد الرضاع بهما انتشرت الحرمة من جهتهما إليه فهي عامة تتعدى إلى كل من ناسبهما من الآباء والأمهات والبنين والبنات ، والإخوة والأخوات ، فتكون المرضعة أمه ، وأمهاتها جداته لأم وأباؤها أجداده لأم وإخوتها أخواله : وأخواتها خالات ، وأولادها إخوته وأخواته ، فإن كانوا من الزوج فهم لأب وأم ، وإن كانوا منها دونه ، فهم لأم ويكون الزوج الواطئ أباه وآباؤه أجداده لأب ، وأمهاته جداته لأب ، وإخوته أعمامه وأخواته عماته ، وأولاده إخوته وأخواته ، فإن كانوا من المرضعة فهم لأب وأم ، وإن كانوا منها دونها ، فهم لأب فيحرم من أقارب الرضاع ما يحرم من أقارب [ ص: 358 ] النسب ، وأما انتشارها من جهته إليهما فهي مقصورة عليه ، وعلى ولده ، وإن سفل دون من علا من آبائه وأمهاته ، ودون من شاركه في النسب من إخوانه وأخواته ، فلا يحرم آباؤه وأمهاته ولا أخواته على واحد من أبوي الرضاع ، فيكون انتشار الحرمة من جهته أخص ، وانتشارها من جهتهما أعم . لبن الفحل يحرم
والفرق بينهما في عموم الحرمة من جهتهما ، وخصوصيتها من جهته وهو أن اللبن لهما دونه ، وفعل الرضاع منهما لا منه ، فكانت جهتهما أقوى فعمت الحرمة وضعفت من جهته فخصت الحرمة .