فصل : فإذا تقرر ما وصفنا ، فلا يخلو حال طلاقها من ثلاثة أقسام : أحدها : أنه يعلم أنه في طهر . والثاني : أنه يعلم أنه في حيض . والثالث : أن لا يعلم واحدا منهما . فإن علم أنه في طهر رجع إلى . قولها في انقضاء العدة ، لأن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن [ ص: 177 ] [ البقرة : 228 ] . يعني من حمل وحيض فوجه الوعيد النهي لقبول قولهن فيها ، ثم لا يخلو حال ما ادعته في انقضاء العدة من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يكون موافقا لأقل ما يمكن ، وذلك اثنان وثلاثون يوما وساعتان فقولها فيه مقبول ، فإن أكذبها الزوج أحلفها .
والقسم الثاني : أن تكون أزيد من أقل الممكن فأولى أن يقبل قولها فيه .
والقسم الثالث : أن يكون أقل من الممكن كادعائها انقضاء ثلاثة أقراء في ثلاثين يوما ، فقولها مردود لاستحالته ، ثم فيه وجهان : أحدهما : أنها إذا استكملت أقل الممكن وهو اثنان وثلاثون يوما وساعتان انقضت عدتها ، وإن لم تستأنف الدعوى لدخوله ذلك في دعوى الأول . والوجه الثاني : لا تنقضي العدة ما لم تستأنف الدعوى ، لأن الأدلة مردودة بالاستحالة ، فإن استأنفت الدعوى في انقضاء العدة قبل قولها مع يمينها إن أكذبت نفسها ، وإلا فهي باقية في العدة ، وإن علم أنها طلقت في حيض فأقل ما ينقضي به عدتها سبعة وأربعون يوما وساعة واحدة وبيانه أن يطلق في آخر ساعة من حيضها ، فتستقبل بعدها ثلاثة أطهار أقلهما خمسة وأربعون يوما يتخللها حيضتان أقلها يومان وليلتان ، ثم تطعن في أول ساعة من الحيض فتقضي عدتها ، فإن ادعت انقضاءها في هذا القدر أو أكثر منه قبل قولها ، وإن ادعت انقضاءها في أقل منه لم يقبل ، وكان على ما مضى من الوجهين ، وإن لم يعلم وقوع الطلاق قيل : كان في حيض أو طهر رجع إلى قولها فيه ، كما يرجع إلى قولها في الطلاق إذا علقه بحيضها أو طهرها ، فإن ادعت وقوع الطلاق في حيضها فهو أغلظ أمريها فيقبل قولها فيه ولا يمين عليها للزوج إن أكذبها ما لم ترد به إسقاط نفقتها ، وكان أقل ما تنقضي به عدتها ما ذكرناه من سبعة وأربعين يوما وساعة ، وإن ادعت وقوع الطلاق في الطهر فقولها فيه مقبول وللزوج إحلافها إن أكذبها ؛ لأنه أمر لا يوقف عليه إلا من جهتها ، ويكون أقل ما يقتضي به العدة ما ذكرناه من اثنين وثلاثين يوما وساعتين .
فَصْلٌ : فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا ، فَلَا يَخْلُو حَالُ طَلَاقُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِي طُهْرٍ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ فِي حَيْضٍ . وَالثَّالِثُ : أَنْ لَا يَعْلَمَ وَاحِدًا مِنْهُمَا . فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ فِي طُهْرٍ رَجَعَ إِلَى . قَوْلِهَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [ ص: 177 ] [ الْبَقَرَةِ : 228 ] . يَعْنِي مِنْ حَمْلٍ وَحَيْضٍ فَوَجْهُ الْوَعِيدِ النَّهْيُ لِقَبُولِ قَوْلِهِنَّ فِيهَا ، ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُ مَا ادَّعَتْهُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ ، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَسَاعَتَانِ فَقَوْلُهَا فِيهِ مَقْبُولٌ ، فَإِنْ أَكْذَبَهَا الزَّوْجُ أَحْلَفَهَا .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي : أَنْ تَكُونَ أَزْيَدَ مِنْ أَقَلِّ الْمُمْكِنِ فَأَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهَا فِيهِ .
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنَ الْمُمْكِنِ كَادِّعَائِهَا انْقِضَاءَ ثَلَاثَةِ أَقَرَاءٍ فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، فَقَوْلُهَا مَرْدُودٌ لِاسْتِحَالَتِهِ ، ثُمَّ فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا إِذَا اسْتَكْمَلَتْ أَقَلَّ الْمُمْكِنِ وَهُوَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَسَاعَتَانِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَأْنِفِ الدَّعْوَى لِدُخُولِهِ ذَلِكَ فِي دَعْوَى الْأَوَّلِ . وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ مَا لَمْ تَسْتَأْنِفِ الدَّعْوَى ، لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ مَرْدُودَةٌ بِالِاسْتِحَالَةِ ، فَإِنِ اسْتَأْنَفَتِ الدَّعْوَى فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَبْلَ قَوْلِهَا مَعَ يَمِينِهَا إِنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا ، وَإِلَّا فَهِيَ بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا طُلِّقَتْ فِي حَيْضٍ فَأَقَلُّ مَا يَنْقَضِي بِهِ عَدَّتُهَا سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا وَسَاعَةٌ وَاحِدَةٌ وَبَيَانُهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ حَيْضِهَا ، فَتَسْتَقْبِلُ بَعْدَهَا ثَلَاثَةَ أَطْهَارٍ أَقَلُّهُمَا خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا يَتَخَلَّلُهَا حَيْضَتَانِ أَقَلُّهَا يَوْمَانِ وَلَيْلَتَانِ ، ثُمَّ تَطْعَنُ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنَ الْحَيْضِ فَتَقْضِي عِدَّتَهَا ، فَإِنِ ادَّعَتِ انْقِضَاءَهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ قُبِلَ قَوْلُهَا ، وَإِنِ ادَّعَتِ انْقِضَاءَهَا فِي أَقَلَّ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ ، وَكَانَ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْوَجْهَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ قِيلَ : كَانَ فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ رُجِعَ إِلَى قَوْلِهَا فِيهِ ، كَمَا يُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهَا فِي الطَّلَاقِ إِذَا عَلَّقَهُ بِحَيْضِهَا أَوْ طُهْرِهَا ، فَإِنِ ادَّعَتْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي حَيْضِهَا فَهُوَ أَغْلَظُ أَمْرَيْهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ إِنْ أَكْذَبَهَا مَا لَمْ تُرِدْ بِهِ إِسْقَاطَ نَفَقَتِهَا ، وَكَانَ أَقَلُّ مَا تَنْقَضِي بِهِ عَدَّتُهَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَسَاعَةٍ ، وَإِنِ ادَّعَتْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ فَقَوْلُهَا فِيهِ مَقْبُولٌ وَلِلزَّوْجِ إِحْلَافُهَا إِنْ أَكْذَبَهَا ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ جِهَتِهَا ، وَيَكُونُ أَقَلُّ مَا يَقْتَضِي بِهِ الْعِدَّةُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَسَاعَتَيْنِ .