مسألة : فإذا ثبتت هذه المقدمة : فصورة مسألة الكتاب في ، وفي المقدمة كان القذفان من غير تزويج ، فإذا كان كذلك لم يخل حال القذف الأول من أن يكون قد حد له قبل القذف الثاني أو لم يحد ، فإن كان قد حد له ، وقد قذفها ثانية في التزويج بعد أن حد للأول قبل التزويج ، فالقذف الثاني على ضربين : رجل قذف أجنبية ثم تزوجها ثم قذفها ثانية بعد التزويج
أحدهما : أن يكون بالزنا الأول ، فلا حد عليه في القذف الثاني ؛ لأنه حد له في الأول لكن يعزر للأذى ، ولا يجوز أن يلتعن بالقذف الثاني ؛ لأنه بزناء قبل نكاحه .
والضرب الثاني : أن يكون فعليه حد ثان ، ويجوز أن يلتعن منه ؛ لأن القذف الأول تقضى حكمه قبل الزوجية ، وقد قذف مبتدأ بعد الزوجية فانفرد بحكمه ، فإن كان القذف الثاني قبل حده من القذف الأول ، فهو على ضربين : القذف بزناء ثان بعد الزوجية
أحدهما : أن يكون بالزنا الأول ، فليس عليه فيها إلا حد واحد ؛ لأنه قذف بزناء واحد ، ولا يجوز أن يلاعن منه ؛ لأنه عن زنا قبل الزوجية ، إلا أن يكون ولد ، ففي جواز لعانه وجهان على ما ذكرناه :
[ ص: 115 ] أحدهما : وهو قول أبي إسحاق : لا يلتعن منه مع الولد كما لا يلتعن منه مع عدمه ، فعلى هذا يحد للقذفين حدا واحدا .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يجوز أن يلتعن منه مع وجود الولد ، وإن لم يلتعن منه مع عدمه للضرورة ، فعلى هذا لا يسقط عنه حد القذف الأول ويجمع عليه بين الحد واللعان ؛ لأن اللعان لا يسقط حد قذف قبل الزوجية .
والضرب الثاني : أن يكون ، فيصير قاذفا لها بزنائين : القذف الثاني بزناء ثان بعد الزوجية
أحدهما : قبل الزوجية يوجب الحد ولا يسقط اللعان .
والثاني : في الزوجية يوجب الحد ويسقط اللعان ، فلما اختلف حكم القذفين وجب أن يجمع عليه بين الحدين ، وخالف من هذا الوجه قذفي الأجنبي . حيث لم يجب عليه فيهما إلا حد واحد في أحد القولين ؛ لأن قذفي الأجنبية متفقا الحكم فتداخلا ، وقذفي الزوجية مختلفا الحكم فلم يتداخلا .
وقال أبو إسحاق المروزي : وإذا جمع بين هذين الحدين لاختلاف حكمهما وإن تجانسا وجب إذا أن يحد حدين لاختلاف حكمهما وإن تجانسا ؛ لأن الحد الأول جلد ، والثاني رجم ، فيجلد ويرجم ، وهذا غلط لأن حد الزنا من حقوق الله - عز وجل - ، فجاز أن يدخل أخفهما في أغلظهما عند التجانس كما يدخل الحدث في الجنابة ، ولم يجز مثل ذلك في حقوق الآدميين . زنى وهو بكر فلم يحد حتى زنى بعد إحصانه