مسألة : قال الشافعي : " ولو مات أحدهما ثم التعن نفي عنه الحي والميت ، ولو نفى ولدها بلعان ثم ولدت آخر بعده بيوم فأقر به لزماه جميعا ؛ لأنه حمل واحد وحد لها إن كان قذفها ، ولو لم ينفه وقف ، فإن نفاه وقال : التعاني الأول يكفيني لأنه حمل واحد لم يكن ذلك له حتى يلتعن من الآخر ( وقال ) بعض الناس : لو مات أحدهما قبل اللعان لاعن ولزمه الولدان وهما عندنا وعنده حمل واحد فكيف يلاعن ويلزمه الولد ؟ قال : من قبل أنه ورث الميت قلت له : ومن زعم أنه يرثه " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، جاز أن ينفيه باللعان بعد موته . إذا مات الولد قبل الالتعان
[ ص: 96 ] وقال أبو حنيفة : إذا مات قبل اللعان ورثه ولم يجز أن ينفيه باللعان بعد موته ، واستدل على ذلك بثلاثة أشياء :
أحدها : أن من مات على حكم استقر ذلك الحكم بموته ، كمن مات عبدا لم يجز أن يعتق بعد موته ، أو مات كافرا لم يصر مسلما بعد موته ، كذلك هذا الولد مات ابنا فلم ترتفع بنوته بعد موته .
والثاني : أنه بالموت قد صار وارثا له وميراثه اعتراف به ، والمعترف بالولد لا يجوز له نفيه .
والثالث : أنه لما لم يجز أن يرتفع باللعان فراش زوجته بعد الموت لم يجز أن ينفي به نسب ولده بعد الموت .
ودليلنا : هو أن نسب الحي أقوى من نسب الميت . فلما جاز أن ينفي باللعان أقوى النسبين كان أن ينفي أضعفهما أولى .
لأن الداعي إلى نفيه في الحياة أمران : أن لا ينتسب إليه ، وأن لا يلزمه مونته ، وهذان موجودان بعد الموت كوجودهما قبله ، فاقتضى أن يستوي الحالان في نفيه ؛ لأنه لما جاز أن يلحق به النسب [ يوم ] الموت جاز أن ينفى عنه بعد الموت ليستوي حكم اللحوق والنفي بعد الموت كما استويا قبله ، فأما الجواب عن الاستدلال بأن ثبوت الحكم إلى الموت يمنع من ارتفاعه بعده كالكفر والرق فيما تقدمهما ، فذلك ما استقر بالموت ولم يتغير بعده ، وليس كذلك نفي النسب لأنه يوجب ارتفاعه من أصله ولا يثبت له فيما بعد عن النسب ، فجاز أن ينفيه ليرتفع قبل الموت وبعده ، وكذلك الجواب عن رفع الفراش باللعان ، أنه رافع في الحال مع ثبوته من قبل وقد ارتفع بالموت ، فلم يبق لرفعه بعد الموت تأثير بخلاف النسب .
وأما الجواب عن الميراث فهو عندنا غير وارث إذا التعن منه ، فلم يسلم لهم الاستدلال .