فصل : والحال الثالثة : أن ، فالقول قوله إلا أن تقيم بينة على ولادتها ؛ لأن إقامة البينة على الولادة ممكنة ، لأن الولادة لا تخلو في الأغلب من حضور النساء لها ، والبينة أربع نسوة يشهدن بولادتها كالرضاع والاستهلال ، فإن شهد بها شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ذكرا مشاهدة الولادة بالاتفاق من غير تعمد النظر سمعت شهادتهما ؛ لأن شهادة الرجل أغلظ ، فإذا قامت البينة بولادتها ثبت نسبه ولم ينتف عنه إلا باللعان ، فإن عدمت البينة فهل ترجع إلى القافة في إلحاقه بها ؟ على وجهين : يبين ذلك أنها لم تلده وإنما التقطته
أحدهما : يرجع إلى القافة كما يرجع إليهم في إلحاقه بالرجل ، فعلى هذا إن ألحقوه بها صار كالبينة على ولادتها فيلحق بها وبزوجها إلا أن ينفيه باللعان .
والوجه الثاني : لا يجوز أن يرجع إلى القافة في إلحاق الولد بالأم ويجوز أن [ ص: 85 ] يرجع إليهم في إلحاقه بالأب والفرق بينهما : أن الأم يمكن أن يلحق بها ولدها قطعا بالمشاهدة ، فلم يكن لاجتهاد القافة في إلحاقه مدخل ، ولا يلحق الأب إلا من طريق الاستدلال وغلبة الظن فجاز اجتهاد القافة في إلحاقه به ، فعلى هذا يحلف الزوج بالله تعالى أنها ما ولدته ، فإذا حلف انتفى عنه ، وإن نكل ردت اليمين عليها فحلفت بالله أنها ولدته ، فإذا حلفت لحق به إلا أن ينفيه باللعان ، فإن نكلت فهل توقف اليمين على بلوغ الولد ليحلف أنها ولدته على فراشه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا توقف اليمين وقد انقطع حكمها ، لأن حقها في اليمين في بطل بنكولها ويكون منفيا عن الزوج بإنكارها ونكولها .
والوجه الثاني : توقف اليمين على بلوغه ؛ لأن إنكار الزوج قد تعلق به حقان ، حق لها في الولادة ، وحق الولد في ثبوت النسب ، فإذا بطل حقها بنكولها لم يبطل حق الولد ، فعلى هذا إن حلف الولد بعد بلوغه لحق بالزوج إلا أن ينفيه باللعان ، وإن نكل عن اليمين لم يلحق به وكان منفيا عنه بغير لعان ، وهل يلحق بها أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : لا يلحق بها إلا ببينة ، وقد ذكر الشافعي في كتاب التقاط المنبوذ : أنه لا يسمع فيه دعوى المرأة إلا ببينة لما في لحوقه بها من إلحاقه بزوجها .
والوجه الثاني : يلحق بإقرارها ولا يلحق بزوجها مع إنكاره .