مسألة : قال الشافعي : " وإن كان معها ولد فنفاه أو بها حمل فانتفى منه قال مع كل شهادة : أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ، وإن هذا الولد ولد زنا ما هو مني " .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن ، وفي اللعنة الخامسة ، فإن أخل بذكره في أحد الخمسة لم ينتف عنه ، وصفة نفيه في لعانه أن يقول في كل مرة : وأن هذا الولد من زنا ما هو مني ، فيجمع في نفيه بين شرطين أحدهما : إضافته إلى الزنا وأنه ليس منه ، فإن اقتصر على أحد الشرطين اعتبر حال الشرط الذي اقتصر عليه ، فإن كان الثاني ، وهو أن قال : وإن هذا الولد ليس مني ، ولم يقل : إنه ولد من زنا ، لم ينتف عنه ، لما فيه من الاحتمال ؛ لأنه قد يريد بذلك أنه ليس يشبهني في خلقي أو خلقي أو فعلي ؛ ولذلك لم يجعل قوله لابنه : لست بابني قذفا لأمه لما فيه من هذا الاحتمال ، وإن اقتصر على الشرط الأول وهو أن نسب الولد لا ينتفي عنه بلعانه من الزوجة إلا أن ينفيه في لعانه في الشهادات الأربع ، ففي انتفائه عنه بذلك وجهان : قال : وأن هذا الولد لولد من زنا ، ولم يقل : ما هو مني
أحدهما : وهو قول أبي حامد المروزي : قد انتفى عنه ، لأن ولد الزنا لا يلحق [ ص: 64 ] به ، فكان قوله : ما هو مني تأكيدا ، ألا ترى أنه لو قال لولده : أنت ولد زنا ، كان قاذفا لأمه .
والوجه الثاني وبه قال أبو حامد الإسفراييني : لا ينتفي عنه بذلك حتى يقول : ما هو مني ؛ لأن الأيمان موضوعة على نفي الاحتمال ، وقد يحتمل أن يعتقد أنه من زنا ويكون منه ، بأن يكون قد زنى قبل تزوجه بها وجاءت بولد لستة أشهر من وقت عقده فيكون لاحقا به ؛ ولأن من أصحابنا وهو أبو بكر الصيرفي يرى أن وإن كان الولد فيه لاحقا ، ولا يؤمن من الملاعن اعتقاد مذهبه ، فلذلك وجب لإزالة الاحتمال أن يضيف إلى قوله أنه ولد زنا : ما هو مني وإن لم يذكر الولد حتى استكمل لعانه ولعان الزوجة قيل : قد وقعت الفرقة ولم ينتف الولد ، فإن أحب أن ينفيه استأنف لوقته لعانا خاصا لنفي الولد كاملا بالشهادات واللعنة الخامسة . ولم تلاعن معه الزوجة ؛ لأنه لا مدخل للعانها في نفي الولد ولا في إثباته ، وإنما يختص بإسقاط الزنا عنها وقد سقط بما تقدم من لعانها ، وهذا منصوص النكاح بغير ولي زنا الشافعي في هذا الموضع وفي كتاب " الأم " وقال في " الإملاء " : تعيد الزوجة لعانها بعد إعادة الزوج ، وليس هذا القول منه على الوجوب ، وإنما هو على الاختيار حتى لا ينفرد الزوج . بلعان لا تساويه فيه الزوجة .