مسألة : قال الشافعي : " ( قال ) وإذا قال - صلى الله عليه وسلم - : فحكم على الصادق والكاذب حكما واحدا وأخرجهما من الحد " . الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟
قال الماوردي : وهذا الحديث رواه سعيد بن جبير ، عن ابن عمر العجلاني وامرأته قال : " الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب " قالها ثلاثا . ومراد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرق بين الشافعي بذكره بيان ما دل عليه من ثلاثة أحكام :
أحدهما : أن وإن علم أن الباطن مخالف للظاهر ؛ لأنه قد علم قطعا أن أحدهما كاذب وإن لم يعلم بعينه ، فلم يعتبر حال علمه ، وحكم بالظاهر من أحوالهما . الحكم يكون بالظاهر دون الباطن
والحكم الثاني : أنه سوى في الحكم بينهما وإن علم كذب أحدهما وصدق الآخر ولم يجعل لاختلافهما في ذلك تأثيرا في اختلاف الحكم عليهما ؛ لأن اشتباه أحوالهما منع من تمييزهما فيه ، وصار حكم الصادق منهما والكاذب سواء في الظاهر وإن كان مختلفا عند الله تعالى في الباطن .
والحكم الثالث : ما أمرهما به رسول الله من التوبة فدل ذلك على أمرين :
أحدهما : تمحيص المآثم يكون بالتوبة لا بالحكم .
والثاني : قبول التوبة ممن علم أن باطنه مخالف لظاهره ، فكان فيه حجة على مالك في قبول توبة الزنديق ، وإن علم أن باطن معتقده مخالف لظاهر توبته .