مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " ولو فعلى الحرة البالغة الحد والمملوكة نصف الحد ، ونفي نصف سنة ، التعن وأبين اللعان " . ولا لعان على الصبية ؛ لأنه لا حد عليها
قال الماوردي : كما قال : " ، فالكلام في ذلك يشتمل على ثلاثة فصول : إذا تزوج الحر أربع زوجات ، إحداهن حرة مسلمة ، والثانية حرة كتابية ، والثالثة أمة مسلمة ، والرابعة صغيرة بالغة ، وقذفهن بالزنا
أحدها : في حكم قذفه لهن .
والثاني : في حكم لعانه منهن .
والثالث : في حكمهن إذا لاعن منهن .
فأما الفصل الأول في حكم القذف لهن : فعليه الحد بقذف الحرة المسالمة لكمالها ، وعليه التعزير في قذف الكتابية والأمة والصغيرة لنقصهن ، وأما الفصل الثاني في اللعان منهن : فله أن يلتعن من الحرة المسلمة إجماعا ، ليسقط الحد عن نفسه بالتعانه ، وله عندنا أن يلتعن من الكتابية والأمة ليسقط التعزير عن نفسه بالتعانه .
وقال أبو حنيفة : ليس له أن يلتعن منهما إذا لم يكونا من أهل الشهادة ولم يكمل الحد في قذفهما ، وقد مضى الكلام معه .
وأما الصغيرة : فلها حالتان :
إحداهما : أن تكون ممن لا يجامع مثلها لصغرها ، كالتي لها سنة ، فلا يكون رميها بالزنا قذفا ؛ لأن القذف ما احتمل الصدق والكذب ، وقذف هذه كذب محض لا يحتمل الصدق فكان سبا ولم يكن قذفا ، فكان التعزير المستحق فيه تعزير سب ولم يكن تعزير [ ص: 29 ] قذف ، وليس للزوج أن يلاعن منه ، لأن السب لا لعان فيه ، وإنما اللعان في القذف ، وإذا كان كذلك ففي تعزيره عليه قبل بلوغها وجهان :
أحدهما : لا يعزر حتى تبلغ فتطالب .
والثاني : يعزر قبل بلوغها ؛ لأن تعزير القذف حد موقوف على بلوغها ، وتعزير السب أدب يجوز استيفاؤه قبل بلوغها ، فعلى هذا فيه وجهان :
أحدهما : أنه موقوف الاستيفاء على المطالبة من الولي لقيامه بحقوقها .
والثاني : أنه موكول إلى الإمام في استيفائه لقيامه بالمصالح .
والحال الثانية : أن يكون مثلها ممن تجامع ، لأنها ابنة سبع أو ثمان ، فيكون رميها بالزنا قذفا لاحتماله الصدق والكذب ، ويكون التعزير فيه بدلا من حد الكبيرة . ويكون موقوفا على بلوغها لتكون هي المطالبة به فيعزر لها إلا أن يلتعن منها ، فإن أراد أن يلتعن منها قبل بلوغها ، ففي جواز لعانه وجهان مضيا .