فصل : ، سواء كان في السفر مخالطا لها أو معتزلا عنها ؛ لأن وإذا سافر بواحدة منهن عن قرعة أو تراض لم يقض للمقيمات مدة سفره مع الخارجة عائشة - رضي الله تعالى عنها - لما حكت قرعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يسافر بها لم تحك بأنه قضى باقي نسائه مثل مدتها ، ولو فعله لحكته .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرع بين نسائه لبعض أسفاره ، فخرجت القرعة لعائشة - رضي الله تعالى عنهما - فسافر بهما ، ولم يقض للباقيات . وحفصة
ولأن المسافرة معه ، وإن حظيت به ، فقد عانت من لأواء السفر ومشاقه ما صار في مقابلته ، كما أن المقيمات وإن أوحشهن فراقه ، فقد حصل لهن من رفاهة المقام ما في مقابلته ، فلا يجمع لهن بين القسم والرفاهة التي حرمتها المسافرة .
قال الشافعي ، رحمه الله : أو كذلك إذا أراد أن يخرج باثنين أو أكثر ، أقرع " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، يجوز للزوج أن يسافر بواحدة من أربع ، وباثنين منهن ، وبثلاث ويخلف واحدة ، كما جاز له أن يسافر بواحدة ، ويخلف ثلاثا ، لكنه يستعمل القرعة في إخراج الواحدة ، فإذا قرع اثنان منهن ، وسافر بهما قسم بينهما في سفره ، كما كان [ ص: 592 ] يقسم بينهما في حضره ، إلا أن يعتزلهما فيسقط القسم لهما ، ولا يقضي المقيمين مدة سفره بالخارجتين ، وإن قسم لهما كما لا يقضي مدة سفره بالواحدة ، فلو سافر بواحدة منهن بالقرعة ، ثم أراد في سفره إخراج واحدة من المقيمات أقرع بينهن ، ولم يكن لهن أن ينفردن بالقرعة ؛ لأن فيها حقا للزوج فلا يبطل حقه من القرعة بانفرادهن بها ، وأقرع الحاكم بينهن ، وأخرج من قرعت منهن ، فإذا وصلت إليه استأنف القسم بينهما وبين المتقدمة معه ، ولم يقضها مدة سفرها إليه .
فلو تراضى المقيمات بإخراج واحدة منهن بغير قرعة لم يجز لحق الزوج في القرعة ، فلو حصل معه في السفر اثنتان بالقرعة ، فأراد رد إحداهما ، لم يكن له ردها إلا بالقرعة ، والله أعلم .