مسألة : قال الشافعي : " وإن سافرت بإذنه ، فلا قسم لها ولا نفقة إلا أن يكون هو أشخصها ، فيلزمه كل ذلك لها " .
قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو حال سفرها من أحد أمرين : إما أن تكون مع الزوج أو منفردة عنه ، فإن : كانت على حقها من النفقة والقسم ، ثم ينظر ؛ فإن سافر بها بالقرعة لم يقض باقي نسائه ما أقام معها ، وإن كان بغير قرعة قضاهن مدة سفرها معه ، وإن سافرت منفردة ، فعلى ضربين : سافرت مع الزوج
أحدهما : بإذنه .
والثاني : بغير إذنه .
فإن سافرت بغير إذنه : فلا قسم لها ولا نفقة ، وهي في سفرها آثمة ، وصارت أسوأ حالا من المقيمة الناشزة ، وإن سافرت بإذنه ، فقد قال الشافعي هاهنا : لها القسم والنفقة ، وقال في كتاب النفقات : لا نفقة لها ولا قسم ، فاختلف أصحابنا في ذلك على طريقين :
أحدهما - وهي طريقة أبي حامد الإسفراييني - : أن ذلك على اختلاف قولين :
أحدهما - وهو المنصوص عليه في هذا الموضع - : لها القسم والنفقة ؛ لأنها لما خرجت بإذنه من المأثم ، خرجت من حكم النشوز .
والقول الثاني - وهو المنصوص عليه في النفقات - : لا قسم لها ولا نفقة ؛ لأنهما في مقابلة استمتاع ، قد فات عليه ، وإن عذرت .
والطريقة الثانية - وهي طريقة أبي حامد المروزي - : أنه ليس على اختلاف قولين ، وإنما هو على اختلاف حالين ، فالذي قاله هاهنا في وجوب القسم لها محمول على أنها [ ص: 581 ] سافرت بإذنه فيما يخصه من أشغاله ؛ لأن له أن يستوفي حقه منها بالاستمتاع وغيره ، والذي قاله في كتاب النفقات : أنه لا قسم لها ، إذا سافرت بإذنه فيما يخصها من أشغالها ؛ لأنه تصرف قد انصرف إليها دونه ، وإن عذرت ، ويكون تأثير إذنه في رفع المأثم ، لا في وجوب القسم .