مسألة : قال الشافعي : " في نثر الجوز واللوز والسكر في العرس ، لو ترك كان أحب إلي ؛ لأنه يؤخذ بخلسة ونهبة ، ولا يبين أنه حرام ، إلا أنه قد يغلب بعضهم بعضا ، فيأخذ من غيره أحب إلى صاحبه " .
قال الماوردي : أما ، أو غير ذلك من طيب أو دراهم ، فمباح إجماعا ، اعتبارا بالعرف الجاري فيه ؛ لما روي نثر السكر واللوز في العرس أن النبي صلى الله عليه وسلم حين زوج عليا بفاطمة رضي الله عنها نثر عليهما ، لكن اختلف الفقهاء في استحبابه وكراهيته ، فذهب أبو حنيفة [ ص: 566 ] إلى أنه مستحب ، وفعله أولى من تركه ؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النثر ، فقال : هبة مباركة .
وقال بعض أصحابنا : هو مباح ليس بمستحب ولا مكروه ، وفعله وتركه سواء ، وقال سائر أصحابنا - وهو الظاهر من مذهب الشافعي - : أنه مكروه وتركه أفضل من فعله ؛ لأمور :
أحدها : أنه قد يوقع بين الناس ؛ تناهبا وتنافرا ، وما أدى إلى ذلك فهو مكروه .
والثاني : أنه قد لا يتساوى الناس فيه ، وربما حاز بعضهم أكثره ، ولم يصل إلى آخرين شيء منه ، فتنافسوا .
والثالث : أنه قد يلجأ الناس فيه إلى إسقاط المروءات إن أخذوا ، أو يتسلط عليهم السفهاء إن أمسكوا ، وقد كانت الصحابة ومن عاصر الرسول صلى الله عليه وسلم أحفظ للمروءات وأبعد للتنازع والتنافس ، فلذلك كره النثار بعدهم ، وإن لم يكره في زمانهم ، وعادة أهل المروءات في وقتنا أن يقتسموا ذلك بين من أرادوا أو يحملوا إلى منازلهم ، فيخرج عن حكم النثر إلى الهدايا .