[ ص: 513 ] باب وغير ذلك ، من الجامع ، ومن كتاب الصداق ، ومن الإملاء على مسائل عفو المهر مالك
قال الشافعي رحمه الله : " قال الله تعالى : فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ، ( قال ) : والذي بيده عقدة النكاح الزوج ، وذلك أنه إنما يعفو من ملك ، فجعل لها مما وجب لها من نصف المهر أن تعفو ، وجعل له أن يعفو بأن يتم لها الصداق ، وبلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أن الذي بيده عقدة النكاح الزوج ، وهو قول شريح وسعيد بن جبير ، وروي عن ابن المسيب وهو قول مجاهد ، ( قال الشافعي ) رحمه الله : فأما أبو البكر وأبو المحجور عليه ، فلا يجوز عفوهما كما لا تجوز لهما هبة أموالهما " .
قال الماوردي : وأصل هذا قول الله تعالى : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة [ البقرة : 237 ] . وهذا خطاب للأزواج في ، وهو أولى الطلاقين لمن كان قبل الدخول كارها . طلاق النساء قبل الدخول
ثم قال : وقد فرضتم لهن فريضة ، يعني : سميتم لهن صداقا ، فنصف ما فرضتم ، فيه تأويلان :
أحدهما : فنصف ما فرضتم لكم تسترجعونه منهن .
والثاني : فنصف ما فرضتم لهن ليس عليكم غيره لهن .
ثم قال : إلا أن يعفون أو يعفو ، وهذا خطاب للزوجات عدل به بعد ذكر الأزواج إليهن وندبهن فيه إلى ليكون عفو الزوجة أدعى إلى خطبتها ، وترغيب الأزواج فيها . العفو عن حقهن من نصف الصداق ؛
ثم قال : أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وفيه قولان للشافعي :
أحدهما - وهو قوله في القديم - : أن أبو البكر الصغيرة أو جدها ؛ لأنه لما ندب الكبيرة إلى العفو ، ندب ولي الصغيرة إلى مثله ؛ ليتساويا في ترغيب الأزواج فيهما . الذي بيده عقدة النكاح هو الولي
[ ص: 514 ] وهو في الصحابة قول ابن عباس ، وفي التابعين قول الحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، وطاوس .
وفي الفقهاء قول ربيعة ، ومالك ، وأحمد بن حنبل .
والقول الثاني - وهو قوله في الجديد - : أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج ، ندبه الله تعالى إلى العفو كما ندبها ، ليكون عفوه ترغيبا للنساء فيه ، كما كان عفوها ترغيبا للرجال فيها .
وبه قال من الصحابة علي بن أبي طالب وجبير بن مطعم .
ومن التابعين : شريح ، وسعيد بن جبير ، وسعيد بن المسيب ، والشعبي .
ومن الفقهاء : قول سفيان الثوري ، وابن أبي ليلى ، وأبي حنيفة .
ثم قال : وأن تعفوا أقرب للتقوى [ البقرة : 237 ] . وفي المقصود بهذا الخطاب قولان لأهل التأويل :
أحدهما : أنه خطاب للزوج والزوجة . وهو قول ابن عباس .
فيكون العفو الأول خطابا للزوجة ، والعفو الثاني خطابا للزوج ، والعفو الثالث خطابا لهما .
والقول الثاني : أنه خطاب للزوج وحده ، وهذا قول الشعبي ، فيكون العفو الأول خطابا للكبيرة ، والعفو الثاني خطابا لولي الصغيرة ، والعفو الثالث خطابا للزوج وحده . وفي قوله : أقرب للتقوى تأويلان :
أحدهما : أقرب لاتقاء كل واحد منهما ظلم صاحبه .
والثاني : أقرب إلى اتقاء أوامر الله تعالى في ندبه .
ثم قال : ولا تنسوا الفضل بينكم أي تفضل كل واحد من الزوجين على صاحبه بما ندب إليه من العفو ونبه على استعمال مثله في كل حق بين متخاصمين .
فهذا تأويل الآية .