فصل : فإذا تقرر بما روينا أن
nindex.php?page=treesubj&link=848الصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة ، وهن موقتات بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا [ النساء : 103 ] ، ثم ورد كتاب الله تعالى بذكر أوقاتها على الإطلاق ، ومن غير تحديد ، ثم جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بوصف أوقاتها على التحديد ، فأما ما دل عليه كتاب الله من ذكر أوقاتها فخمس آيات : إحداهن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون [ الروم : 17 ] . فعبر عن الصلاة بالتسبيح لما يتضمنها منه فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فسبحان الله أي : صلوا لله ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين [ الصافات : 143 ] أي : من المصلين . وقيل : المستغفرين
وقال
الأعشى في النبي صلى الله عليه وسلم :
وسبح على حين العشيات والضحى ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17حين تمسون يريد به المغرب ، والعشاء
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17وحين تصبحون يريد الصبح ،
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وعشيا - يعني - صلاة العصر ،
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وحين تظهرون - يعني - صلاة الظهر فدلت هذه الآية على أوقات الصلوات الخمس
والآية الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=39وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود [ ق : 40 ] ، قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=39وسبح أي : وصل قبل طلوع الشمس - يعني - صلاة الصبح
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=39وقبل الغروب الظهر والعصر
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=40ومن الليل فسبحه - يعني - صلاة المغرب والعشاء الآخرة " وفي أدبار السجود " تأويلان :
أحدهما : أنهما ركعتان بعد صلاة المغرب ، وهذا قول
مجاهد [ ص: 6 ] والثاني : أنها النوافل في أدبار المكتوبات ، وهو قول
عبد الرحمن بن زيد
والآية الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل [ هود : 114 ]
أما الطرف الأول من النهار ، فالمراد به : صلاة الصبح
وأما الطرف الثاني : فالمراد به على ما حكاه
مجاهد : صلاة الظهر والعصر
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وزلفا من الليل روى
الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها صلاة المغرب وعشاء الآخرة
ومعنى الزلف من الليل : الساعات التي يقرب بعضها من بعض ، كما قال
العجاج :
طي الليالي زلفا وزلفا
الآية الرابعة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا [ الإسراء : 78 ] ، أما دلوك الشمس فهو ميلها وانتقالها ، وفيه تأويلان : أحدهما : إن المراد به غروبها ، وأنه عنى صلاة المغرب ، وهذا قول
ابن مسعود ، وابن زيد ، استشهادا بقول الشاعر :
هذا مقام قدمي رباح غدوة حتى دلكت براح
يعني : حتى غربت الشمس . والبراح : اسم للشمس
والتأويل الثاني : أن دلوك الشمس زوالها
وهو قول
ابن عباس ، وأبي وجزة ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد ، وإليه ذهب
الشافعي لرواية
أبي بكر بن عمرو بن حزم عن
أبي مسعود عقبة بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920991أتاني جبريل لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر [ ص: 7 ] وأما غسق الليل ففيه تأويلان :
أحدهما : اجتماع الليل وظلمته . وهو قول
ابن عباس
والثاني : إقباله ودبره . وهو قول
ابن مسعود ، فالمراد به على التأويل الأول صلاة العشاء الآخرة ، وعلى التأويل الثاني صلاة المغرب
قلنا : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وقرآن الفجر [ الإسراء : 178 ] . فيريد به صلاة الفجر ، وسماها ( قرآن الفجر ) لما يتضمنها من القراءة ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78إن قرآن الفجر كان مشهودا . فروى
أبو هريرة عن النبي أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920992يشهد ملائكة الليل وملائكة النهار . وهذا دليل ، وزعم أن صلاة الصبح ليست من صلاة الليل ولا من صلاة النهار
وأما الآية الخامسة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين [ البقرة : 238 ] ، فهذه الآية وإن لم تدل على مواقيت الصلوات كلها ، ففيها حث على المحافظة عليها بأدائها في أوقاتها ، وذكر
nindex.php?page=treesubj&link=859_880الصلاة الوسطى التي هي أوكد الصلوات ، واختلف الناس فيها على خمسة مذاهب :
أحدها : أن الصلاة الوسطى هي صلاة الصبح
وهذا قول
ابن عباس ، وجابر ، وأبي موسى الأشعري لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وقوموا لله قانتين . وأن القنوت في الصبح : ولأنها صلاة لا تجمع إلى غيرها في سفر ولا مطر لتأكدها عن غيرها من الصلوات : ولأنه يجتمع فيها ظلمة الليل وضوء النهار ، وتشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار
والمذهب الثاني : أنها صلاة الظهر ، وهو قول
زيد بن ثابت ، وعبد الله بن عمر ، قال
أبو عمرو : هي التي توجه منها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة ، وروى
عروة عن
زيد بن ثابت قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920993كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ، ولم تكن صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها . قال : فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى . وقال : إن قبلها صلاة وبعدها صلاة
والمذهب الثالث : أنها صلاة العصر ، وهو قول
علي ، وابن مسعود ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي أيوب ، وعائشة ، nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة ، nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة ، وجمهور التابعين لرواية
عبيدة السلماني عن
علي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920994لم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر يوم الخندق [ ص: 8 ] إلا بعد ما غربت الشمس . قال : ما لهم ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس وروى
ابن رافع عن
حفصة ، أنها قالت لكاتب مصحفها : إذا بلغت إلى مواقيت الصلاة ، فأخبرني . فلما أخبرها ، قالت : اكتب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920995 " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وهي صلاة العصر وروى
أبو صالح عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=920996الصلاة الوسطى صلاة العصر والمذهب الرابع : أنها صلاة المغرب . وهو قول
قبيصة : لأنها وسط العدد ، ليست بأقلها ولا بأكثرها ، ولا تقصر في السفر ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها إلا وقتا واحدا لا تتقدم إليه ولا تتأخر عنه
والمذهب الخامس : أنها إحدى الصلوات الخمس ، ولا تعرف بعينها . وهو قول
نافع ، وسعيد بن المسيب ، والربيع بن خيثم ، لأن إبهامها وترك تعيينها أحب على المبادرة لجميعها ، وأبعث على المحافظة على سائرها ، فكان أولى من التعيين المفضي إلى إهمال ما سواها ، فهذه مذاهب الناس في الصلاة الوسطى على اختلافها ، فأما مذهب
الشافعي ، فالذي يصح عليه أنها صلاة الصبح استدلالا ، لكن مهما قلت قولا فخالفت فيه خبرا ، فأنا أول راجع عنه ، وقد وردت الأخبار نقلا صحيحا : بأنها صلاة العصر ، فصار مذهبه على الأصل الذي مهده ، أنها صلاة العصر دون ما نص عليه من الصبح ، ولا يكون ذلك على قولين كما وهم بعض أصحابنا ، فهذا ما ورد في كتاب الله تعالى وذكر
nindex.php?page=treesubj&link=851_862_873_883_893مواقيت الصلاة ، فأما ما جاءت به السنة من تحديد أوقاتها أولا وآخرا واختيارا وجوازا
وروى
الشافعي عن
عمرو بن أبي سلمة ، عن
عبد العزيز بن محمد ، عن
[ ص: 9 ] عبد الرحمن بن الحارث ، عن
حكيم بن حكيم ، عن
نافع ، عن
جبر ، عن
ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920997أمني جبريل عند باب الكعبة مرتين : فصلى الظهر حين كان الظل مثل الشراك ، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء بقدر ظله ، ثم صلى المغرب حين أفطر الصائم ، ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق ، ثم صلى الصبح حين حرم الطعام والشراب على الصائم ، ثم صلى المرة الآخرة الظهر حين كان ظل كل شيء قدر ظله دون العصر بالأمس الأول لم يؤخرها ، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلثا الليل ، ثم صلى الصبح حين أسفر ، ثم التفت فقال : يا محمد ، هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين
فدلت هذه السنة على ما جاءت به من تحديد الأوقات
فَصْلٌ : فَإِذَا تَقَرَّرَ بِمَا رُوِّينَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=848الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ خَمْسٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ، وَهُنَّ مُوَقَّتَاتٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [ النِّسَاءِ : 103 ] ، ثُمَّ وَرَدَ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ أَوْقَاتِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَمِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ ، ثُمَّ جَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَصْفِ أَوْقَاتِهَا عَلَى التَّحْدِيدِ ، فَأَمَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ أَوْقَاتِهَا فَخَمْسُ آيَاتٍ : إِحْدَاهُنَّ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ [ الرُّومِ : 17 ] . فَعَبَّرَ عَنِ الصَّلَاةِ بِالتَّسْبِيحِ لِمَا يَتَضَمَّنُهَا مِنْهُ فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17فَسُبْحَانَ اللَّهِ أَيْ : صَلُّوا لِلَّهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ [ الصَّافَّاتِ : 143 ] أَيْ : مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَقِيلَ : الْمُسْتَغْفِرِينَ
وَقَالَ
الْأَعْشَى فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
وَسَبِّحْ عَلَى حِينِ الْعَشِيَّاتِ وَالضُّحَى وَلَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ وَاللَّهَ فَاعْبُدَا
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17حِينَ تُمْسُونَ يُرِيدُ بِهِ الْمَغْرِبَ ، وَالْعِشَاءَ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17وَحِينَ تُصْبِحُونَ يُرِيدُ الصُّبْحَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وَعَشِيًّا - يَعْنِي - صَلَاةَ الْعَصْرِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وَحِينَ تُظْهِرُونَ - يَعْنِي - صَلَاةَ الظُّهْرِ فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ
وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=39وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ [ ق : 40 ] ، قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=39وَسَبِّحْ أَيْ : وَصَلِّ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ - يَعْنِي - صَلَاةَ الصُّبْحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=39وَقَبْلَ الْغُرُوبِ الظَّهْرَ وَالْعَصْرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=40وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ - يَعْنِي - صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ " وَفِي أَدْبَارِ السُّجُودِ " تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمَا رَكْعَتَانِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ ، وَهَذَا قَوْلُ
مُجَاهِدٍ [ ص: 6 ] وَالثَّانِي : أَنَّهَا النَّوَافِلُ فِي أَدْبَارِ الْمَكْتُوبَاتِ ، وَهُوَ قَوْلُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ
وَالْآيَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ [ هُودٍ : 114 ]
أَمَّا الطَّرَفُ الْأَوَّلُ مِنَ النَّهَارِ ، فَالْمُرَادُ بِهِ : صَلَاةُ الصُّبْحِ
وَأَمَّا الطَّرَفُ الثَّانِي : فَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى مَا حَكَاهُ
مُجَاهِدٌ : صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ رَوَى
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَعِشَاءُ الْآخِرَةِ
وَمَعْنَى الزُّلَفِ مِنَ اللَّيْلِ : السَّاعَاتُ الَّتِي يَقْرُبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، كَمَا قَالَ
الْعَجَّاجُ :
طَيُّ اللَّيَالِي زُلَفًا وَزُلَفًا
الْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [ الْإِسْرَاءِ : 78 ] ، أَمَّا دُلُوكُ الشَّمْسِ فَهُوَ مَيْلُهَا وَانْتِقَالُهَا ، وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ : أَحَدُهُمَا : إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ غُرُوبُهَا ، وَأَنَّهُ عَنَى صَلَاةَ الْمَغْرِبِ ، وَهَذَا قَوْلُ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ زَيْدٍ ، اسْتِشْهَادًا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ :
هَذَا مُقَامُ قَدَمَيْ رُبَاحٍ غَدْوَةً حَتَّى دَلَكَتْ بَرَاحُ
يَعْنِي : حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ . وَالْبَرَاحُ : اسْمٌ لِلشَّمْسِ
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي : أَنَّ دُلُوكَ الشَّمْسِ زَوَالُهَا
وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَأَبِي وَجْزَةَ ، وَالْحَسَنِ ، وَقَتَادَةَ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
الشَّافِعِيُّ لِرِوَايَةِ
أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ
أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920991أَتَانِي جِبْرِيلُ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ حِينَ زَالَتْ فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ [ ص: 7 ] وَأَمَّا غَسَقُ اللَّيْلِ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : اجْتِمَاعُ اللَّيْلِ وَظُلْمَتُهُ . وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ
وَالثَّانِي : إِقْبَالُهُ وَدَبْرُهُ . وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، فَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي صَلَاةُ الْمَغْرِبِ
قُلْنَا : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [ الْإِسْرَاءِ : 178 ] . فَيُرِيدُ بِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ ، وَسَمَّاهَا ( قُرْآنَ الْفَجْرِ ) لِمَا يَتَضَمَّنُهَا مِنَ الْقِرَاءَةِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا . فَرَوَى
أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920992يَشْهَدُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ . وَهَذَا دَلِيلٌ ، وَزَعَمَ أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ لَيْسَتْ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَلَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ
وَأَمَّا الْآيَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [ الْبَقَرَةِ : 238 ] ، فَهَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ لَمْ تَدُلَّ عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا ، فَفِيهَا حَثٌّ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا بِأَدَائِهَا فِي أَوْقَاتِهَا ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=treesubj&link=859_880الصَّلَاةَ الْوُسْطَى الَّتِي هِيَ أَوْكَدُ الصَّلَوَاتِ ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ صَلَاةُ الصُّبْحِ
وَهَذَا قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَجَابِرٍ ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ . وَأَنَّ الْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ : وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا تُجْمَعُ إِلَى غَيْرِهَا فِي سَفَرٍ وَلَا مَطَرٍ لِتَأَكُّدِهَا عَنْ غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ : وَلِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهَا ظُلْمَةُ اللَّيْلِ وَضَوْءُ النَّهَارِ ، وَتَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي : أَنَّهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ ، وَهُوَ قَوْلُ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ
أَبُو عَمْرٍو : هِيَ الَّتِي تَوَجَّهَ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقِبْلَةِ ، وَرَوَى
عُرْوَةُ عَنْ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920993كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ ، وَلَمْ تَكُنْ صَلَاةٌ أَشَدَّ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا . قَالَ : فَنَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى . وَقَالَ : إِنَّ قَبْلَهَا صَلَاةٌ وَبَعْدَهَا صَلَاةٌ
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ : أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ ، وَهُوَ قَوْلُ
عَلَيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَأَبِي أَيُّوبَ ، وَعَائِشَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=54وَأُمِّ سَلَمَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=41وَحَفْصَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=10583وَأُمِّ حَبِيبَةَ ، وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ لِرِوَايَةِ
عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ عَنْ
عَلِيٍّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920994لَمْ يُصَلِّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ [ ص: 8 ] إِلَّا بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ . قَالَ : مَا لَهُمْ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَرَوَى
ابْنُ رَافِعٍ عَنْ
حَفْصَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ لِكَاتِبِ مُصْحَفِهَا : إِذَا بَلَغْتَ إِلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ ، فَأَخْبِرْنِي . فَلَمَّا أَخْبَرَهَا ، قَالَتْ : اكْتُبْ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920995 " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى " وَهِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَرَوَى
أَبُو صَالِحٍ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=920996الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ : أَنَّهَا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ . وَهُوَ قَوْلُ
قَبِيصَةَ : لِأَنَّهَا وَسَطُ الْعَدَدِ ، لَيْسَتْ بِأَقَلِّهَا وَلَا بِأَكْثَرِهَا ، وَلَا تُقْصَرُ فِي السَّفَرِ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا إِلَّا وَقْتًا وَاحِدًا لَا تَتَقَدَّمُ إِلَيْهِ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْهُ
وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ : أَنَّهَا إِحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، وَلَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا . وَهُوَ قَوْلُ
نَافِعٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَالرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ ، لِأَنَّ إِبْهَامَهَا وَتَرْكَ تَعْيِينِهَا أَحَبُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ لِجَمِيعِهَا ، وَأَبْعَثُ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى سَائِرِهَا ، فَكَانَ أَوْلَى مِنَ التَّعْيِينِ الْمُفْضِي إِلَى إِهْمَالِ مَا سِوَاهَا ، فَهَذِهِ مَذَاهِبُ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى عَلَى اخْتِلَافِهَا ، فَأَمَّا مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ ، فَالَّذِي يَصِحُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ اسْتِدْلَالًا ، لَكِنْ مَهْمَا قُلْتُ قَوْلًا فَخَالَفْتُ فِيهِ خَبَرًا ، فَأَنَا أَوَّلُ رَاجِعٍ عَنْهُ ، وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ نَقْلًا صَحِيحًا : بِأَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ ، فَصَارَ مَذْهَبُهُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي مَهَّدَهُ ، أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ دُونَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ مِنَ الصُّبْحِ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا وَهِمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، فَهَذَا مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=851_862_873_883_893مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ ، فَأَمَّا مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ تَحْدِيدِ أَوْقَاتِهَا أَوَّلًا وَآخِرًا وَاخْتِيَارًا وَجَوَازًا
وَرَوَى
الشَّافِعِيُّ عَنْ
عَمْرِو بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ
[ ص: 9 ] عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ
حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ
نَافِعٍ ، عَنْ
جَبْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920997أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ مَرَّتَيْنِ : فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ كَانَ الظِّلُ مِثْلَ الشِّرَاكِ ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ بِقَدْرِ ظِلِّهِ ، ثَمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَائِمُ ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ، ثُمَ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ ، ثُمَّ صَلَّى الْمَرَّةَ الْآخِرَةَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ قَدْرَ ظِلِّهِ دُونَ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ الْأَوَّلِ لَمْ يُؤَخِّرْهَا ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ ، ثُمَّ صَلَى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَ ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ
فَدَلَّتْ هَذِهِ السُّنَّةُ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ تَحْدِيدِ الْأَوْقَاتِ