[ ص: 93 ] كتاب الحدود
قال : الحد هو المنع ، ومنه : الحداد للبواب ، وفي الشريعة : هو العقوبة المقدرة حقا لله تعالى حتى لا يسمى القصاص حدا ; لأنه حق العبد ولا التعزير لعدم التقدير ، والمقصد الأصلي من شرعه الانزجار عما يتضرر به العباد ، والطهارة ليست أصلية فيه بدليل شرعه في حق الكافر .
قال : والمراد ثبوته عند الإمام ، لأن البينة دليل ظاهر وكذا الإقرار ; لأن الصدق فيه مرجح لا سيما فيما يتعلق بثبوته مضرة ومعرة ، والوصول إلى العلم القطعي متعذر فيكتفى بالظاهر . ( الزنا يثبت بالبينة والإقرار )
قال : ( فالبينة أن تشهد أربعة من الشهود على رجل أو امرأة بالزنا ) لقوله تعالى: { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم }وقال الله تعالى : { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء }{ }ولأن في اشتراط الأربعة يتحقق معنى [ ص: 94 ] الستر ، وهو مندوب إليه والإشاعة ضده . وقال عليه الصلاة والسلام للذي قذف امرأته : ائت بأربعة يشهدون على صدق مقالتك
[ ص: 95 - 96 ] ( ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام استفسر وإذا شهدوا يسألهم الإمام عن الزنا ما هو ؟ وكيف هو ؟ وأين زنى ؟ ومتى زنى ؟ وبمن زنى ؟ ماعزا عن الكيفية وعن المزنية ، ولأن الاحتياط في ذلك واجب ; لأنه عساه غير الفعل في الفرج عناه أو زنى في دار الحرب أو في المتقادم من الزمان ، أو كانت له شبهة لا يعرفها هو ولا الشهود كوطء جارية الابن فيستقصى في ذلك احتيالا للدرء .
[ ص: 97 ] ( فإذا بينوا ذلك وقالوا : رأيناه وطئها في فرجها كالميل في المكحلة ، وسأل القاضي عنهم فعدلوا في السر والعلانية حكم بشهادتهم ) ولم يكتف بظاهر العدالة في الحدود احتيالا للدرء ، قال عليه الصلاة والسلام : " { }بخلاف سائر الحقوق عند ادرءوا الحدود ما استطعتم رحمه الله وتعديل السر والعلانية نبينه في الشهادات إن شاء الله تعالى . أبي حنيفة
[ ص: 98 ] قال في الأصل يحبسه حتى يسأل عن الشهود للاتهام بالجناية ، وقد حبس رسول الله عليه الصلاة والسلام رجلا بالتهمة ، بخلاف الديون حيث لا يحبس فيها قبل ظهور العدالة ، وسيأتيك الفرق إن شاء الله تعالى .
[ ص: 89 - 93 ]