( 147 ) حدثنا العباس بن محمد المجاشعي ، ثنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني ، ثنا سهل بن يوسف ، ثنا ، عن صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعلقمة بن وقاص ، عن حديث وعروة بن الزبير عائشة قالت : - لما قال أصحاب الإفك ما قالوا ، فبرأها الله وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان أثبت لحديثها وأحسن اقتصاصا - ، قالوا : قالت عائشة : عائشة : فأقرع بيننا في غزاة غزاها فخرج فيها سهمي ، وذلك بعدما أنزلت آية الحجاب ، فخرجت معه وأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه ، والنساء إذ ذاك خفاف ، قالت : فآذن رسول الله ليلة بالرحيل ، فقمت فجاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فلمست صدري فوجدت عقدا من جزع أظفار سقطت ، فرجعت فحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرهط الذين يرحلون [ ص: 103 ] هودجي ، فاحتملوا هودجي وهم يحسبون أني فيه فرحلوني على بعيري الذي كنت أركب ، ثم انطلقوا يقودونه ، فجئت منازلهم ليس بها داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت به وعرفت أنهم سيفقدونني ، فيبغوني ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، فأقبل ، وكان من وراء الجيش ، فأدلج فأصبح عند منزلي ، فرأى سواد إنسان ، فعرفني ، وكان يراني قبل أن ينزل الحجاب ، فاسترجع فاستيقظت باسترجاعه ، فأناخ لي راحلته ، فوطئ لي فركبتها ، فانطلق يقود بي حتى جئنا الناس في نحر الظهيرة ، وقد هلك من هلك ، فلما قدمنا صفوان بن المعطل المدينة اشتكيت شهرا لا أشعر بالشر ، غير أنه يريبني أني لا أرى من رسول الله اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل فيسلم قائما ، ويقول : " كيف تيكم ؟ " ولا أشعر بالشر ، فلما نقهت من مرضي ، خرجت أنا وأم مسطح بن أثاثة إلى المناصع ، وهو متبرزنا ، إنما نخرج ليلا إلى ليل ، إنما نأكل العلقة من الطعام ، وأمرنا أمر العرب الأول ، وكنا نتأذى أن تتخذ الكنف قرب بيوتنا ، فلما قضينا شأننا أقبلت إلى منزلي ، فعثرت أم مسطح في مرطها ، فقالت : تعس مسطح ، قالت : قلت لها : بئس ما قلت ، أتسبين رجلا قد شهد بدرا ؟ ، قالت : أي هنتاه أولم تسمعي ما قال ؟ ، قلت : ماذا قال ؟ ، قالت : كذا وكذا ، قالت : فازددت مرضا على مرضي ، فلما جاء رسول الله قلت : ائذن لي فآتي أبوي ، وأنا أريد حينئذ أن أستيقن الخبر من قبلهما ، قالت : فأذن لي ، فجئت أمي فقلت : يا أمه ماذا يتحدث الناس ؟ ، فقالت : يا بنية هوني عليك ، فإنه قل ما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها لها كنائن إلا أكثرن عليها ، قالت : قلت : سبحان الله أوقد تحدث الناس بهذا ، فمكثت ليلتي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، فلما أبطأ على رسول الله الوحي دعا عليا [ ص: 104 ] وأسامة يستشيرهما في فراق أهله ، فأما أسامة فأشار على رسول الله بما يعلم من براءة أهله ، وما يعلم في نفس رسول الله من الود ، فقال : يا رسول الله أهلك والله ما علمنا إلا خيرا ، وأما علي فقال : لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، وإن تسأل الخادم تصدقك ، قالت : فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك ؟ " ، فقالت : لا ، والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها من أمر قط أغمصها به إلا أنها جارية حديثة السن ، فتنام فتأتي الداجن فتأكل العجين ، فلما قام رسول الله فرقى ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أما بعد بريرة والله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي " ، فقام يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي ، فقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من سعد بن معاذ الأوس ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا أمرك ، فقام وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن حملته الحمية ، فقال سعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لا تقتله ، ولا تقدر على قتله ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله ليقتلنه ، قالت : فتثاور الحيان أسيد بن حضير الأوس والخزرج ، فلم يزل رسول الله يخفضهم ويسكتهم حتى سكتوا ، قالت : فبكيت ليلتي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، وأصبح عندي أبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي ، فبينما هما عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فجلست تبكي معي ، فبينا نحن على ذلك دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قعد والله ما قعد عندي منذ قيل لي ما قيل قبلها فتشهد ، ثم قال : " أما بعد يا عائشة ، فقد بلغني كذا وكذا ، فإن كنت ألممت بذنب فاعترفي وتوبي إلى الله واستغفري ، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب [ ص: 105 ] تاب الله عليه " ، فلما قضى رسول الله مقالته ، قلص دمعي ما أحس منه قطرة ، فقلت : يا أمه أجيبي رسول الله ، قالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله ، قالت : قلت : يا أبه أجب رسول الله ، قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله ، فقلت : وأنا جارية حديثة السن ، لا أقرأ كثيرا من القرآن : والله لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم ، ولئن قلت إني لبريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني ، ولا أجد لي ولكم مثلا ، إلا قول أبي يوسف : فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، ثم وليت وجهي إلى الجدار والله يعلم أني بريئة ، ولنفسي كانت أحقر عندي من أن ينزل الله في وحيا وتلاوة ، ولكن كنت أرى أن يرى رسول الله رؤيا فيبرئني الله بها ، قالت : والله ما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مجلسه ، ولا رام أهل البيت حتى أخذته البرحاء التي كانت تأخذه حين ينزل عليه الوحي ، حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل الوحي ، فسري عن رسول الله وهو يضحك ، فقال : " يا عائشة أما والله فقد برأك الله " ، فقالت لي أمي : قومي إلى رسول الله ، قلت : والله لا أقوم ولا أحمد إلا الله ، قالت : وكان الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي بن سلول ، قالت : وقد كان أبو بكر ينفق على لقرابته ويتمه ، فقال مسطح بن أثاثة أبو بكر : والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا ، فأنزل الله : ولا يأتل أولو الفضل منكم الآية ، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ، فقال أبو بكر : بلى يا رب ، فرد على مسطح نفقته . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرا أو وجها أقرع بين أزواجه ، فأيتهن خرج سهمها أخرجها معه ، قالت
( 148 ) حدثنا المفضل بن محمد الجندي ، ثنا أبو حمة محمد بن يوسف الزبيدي ، ثنا ، قال : ذكر أبو قرة موسى بن طارق زمعة بن صالح ، [ ص: 106 ] عن يعقوب بن عطاء ، ، عن وزياد بن سعد ، عن ابن شهاب ، سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعلقمة بن وقاص ، عن حديث وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها الله ، وكل حدثني طائفة من حديثها ، وبعض حديثهم يصدق بعضا ، وإن كان بعضهم أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا ، ذكروا أن عائشة - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - - قالت : ، وذكر الحديث . كان رسول الله إذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين أزواجه