186 - الفرد قسمان ففرد مطلقا وحكمه عند الشذوذ سبقا 187 - والفرد بالنسبة ما قيدته
بثقة أو بلد ذكرته 188 - أو عن فلان نحو قول القائل
لم يروه عن بكر الا وائل 189 - لم يروه ثقة إلا ضمره
لم يرو هذا غير أهل البصره 190 - فإن يريدوا واحدا من أهلها
تجوزا فاجعله من أولها 191 - وليس في أفراده النسبيه
ضعف لها من هذه الحيثيه 192 - لكن إذا قيد ذاك بالثقه
فحكمه يقرب مما أطلقه
[ ] : ومناسبته لما قبله واضحة ، ولكن لو ضم إلى المنكر والشاذ - كما قدمنا - كان أنسب . تقسيم الأفراد إلى فرد مطلق وفرد نسبي
( الفرد قسمان : ففرد ) يقع ( مطلقا ) وهو أولهما بأن ينفرد به الراوي الواحد عن كل أحد من الثقات وغيرهم .
( وحكمه ) مع مثاله ( عند ) نوع ( الشذوذ سبقا ، والفرد بالنسبة ) إلى جهة خاصة وهو ثانيهما وهو أنواع ( ما قيدته بثقة أو بلد ) معين ; كمكة والبصرة والكوفة ( ذكرته ) صريحا كما سيأتي التمثيل لهما ( أو ) براو مخصوص ; حيث لم يروه ( عن فلان ) إلا فلان .
[ ] ( نحو قول القائل ) أمثلة أنواع الفرد النسبي أبي الفضل بن طاهر في أطراف الغرائب له عقب الحديث المروي في السنن الأربعة من طريق سفيان [ ص: 269 ] بن عيينة عن وائل بن داود ، عن ولده بكر بن وائل ، عن ، عن الزهري أنس ، صفية بسويق وتمر ( لم يروه عن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولم على بكر الا وائل ) بنقل الهمزة يعني أباه ، ولم يروه عن وائل غير فهو غريب ، وكذا قال ابن عيينة الترمذي : إنه حسن غريب .
قال : وقد رواه غير واحد عن ، عن ابن عيينة - يعني بدون الزهري وائل وولده - قال : وكان ربما دلسهما . ابن عيينة
قلت : ممن رواه عنه كذلك إبراهيم بن المنذر وأبو الخطاب زياد بن يحيى ، وعبد الله بن محمد الزهري ، وعلي بن عمرو الأنصاري ، وابن المقرئ ، وصرح عبد الله من بينهم بأن قال : سمعته من ابن عيينة ولم أحفظه ، فسمعته من آخر ، ورواه الزهري سهل بن صقير عن بدون بكر وحده . ابن عيينة
ورواه أبو يعلى محمد بن الصلت التوزي عن ، فجعل الواسطة بدلهما ابن عيينة ، قال زياد بن سعد : ولم يتابع عليه ، والمحفوظ عن الدارقطني الأول . ابن عيينة
قلت : وممن رواه عنه كذلك ، إبراهيم بن بشار وحامد بن يحيى البلخي ، والحميدي ، وغياث بن جعفر الرحبي ، ، وهو المعتمد ، وإنما لم يكن من القسم الأول لرواية وابن أبي عمر العدني له من حديث النسائي سليمان بن بلال ، بنحوه من حديث والبخاري كلاهما عن إسماعيل بن جعفر حميد عن أنس ، [ ص: 270 ] ونحوه عند أيضا من حديث النسائي عن عبد العزيز بن صهيب أنس .
ونحوه حديث عبد الواحد بن أيمن ، عن أبيه ، عن جابر في قصة الكدية التي عرضت لهم يوم الخندق ، أخرجه ، فإنه تفرد به البخاري عبد الواحد عن أبيه ، وقد روي من غير حديث جابر .
ومن أمثلة النوع الأول قول القائل في حديث قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأضحى والفطر بـ ( ( ق ) ) و ( ( اقتربت ) ) ( لم يروه ) أي الحديث ( ثقة الا ضمره ) بنقل الهمزة أي : ابن سعيد ، فقد انفرد به عن عن عبيد الله بن عبد الله صحابيه ، وإنما قيد بالثقة لرواية أبي واقد الليثي له من جهة الدارقطني ، وهو ممن ضعفه الجمهور لاحتراق كتبه ، عن ابن لهيعة خالد بن يزيد ، عن ، عن الزهري عروة ، عن عائشة .
ومن أمثلة النوع الثاني : قول القائل في حديث الذي رواه أبي سعيد الخدري أبو داود في كتابيه ( السنن ) و ( التفرد ) عن عن أبي الوليد الطيالسي همام عن قتادة عن عنه ، قال : أبي نضرة - : ( لم يرو هذا ) الحديث ( غير أهل أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر البصره ) ; فقد قال الحاكم : إنهم تفردوا بذكر الأمر فيه من أول الإسناد إلى آخره ، ولم يشركهم في لفظه سواهم .
وكذا قال في حديث في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن قوله : عبد الله بن زيد سنة غريبة تفرد بها أهل ومسح رأسه بماء غير فضل يده مصر ، ولم [ ص: 271 ] يشركهم فيها أحد .
وحديث : " القضاة ثلاثة " ، تفرد به أهل مرو عن ، عن أبيه ، وحديث عبد الله بن بريدة يزيد مولى المنبعث ، عن زيد بن خالد الجهني في اللقطة تفرد به أهل المدينة عنه .
( فإن يريدوا ) أي : القائلون بقولهم هذا وما أشبهه ( واحدا من أهلها ) بأن يكون المتفرد به من أهل تلك البلد واحدا فقط وهو أكثر صنيعهم ، وأطلقوا البلد ( تجوزا ) كما يضاف فعل واحد من قبيلة إليها مجازا ( فاجعله من أولها ) أي : الصور المذكورة في الباب ، وهو الفرد المطلق .
ومنه حديث المذكور ، فإنه لم يروه من أهل عبد الله بن زيد مصر إلا عن عمرو بن الحارث حبان بن واسع الأنصاري ، عن أبيه عنه ، فأطلق الحاكم أهل البلد وأراد واحدا منهم .
( وليس في أفراده ) أي : هذا الباب ( النسبيه ) وهي أنواع القسم الثاني ( ضعف لها من هذه الحيثيه ) أي : جهة الفردية ، إلا إن انضم إليها ما يقتضيه ( لكن إذا قيد ) القائل من الأئمة والحفاظ ( ذاك ) أي التفرد ( بالثقة ) كقولهم : لم يروه ثقة إلا فلان - .
( فحكمه ) إن كان راويه الذي ليس بثقة ممن بلغ رتبة من يعتبر حديثه ( يقرب مما أطلقه ) أي : من القسم الأول ، وإن كان ممن لا يعتبر به فكالمطلق ; لأن روايته كلا رواية .
والحاصل أن القسم الثاني أنواع ، منها ما يشترك الأول معه فيه ; كإطلاق تفرد أهل بلد بما يكون راويه منها واحدا فقط .
وتفرد الثقة بما يشترك معه في روايته ضعيف ، ومنها ما هو مختص به ، وهي تفرد شخص عن شخص أو عن أهل بلد ، أو أهل بلد عن شخص أو عن بلد [ ص: 272 ] أخرى .
[ ] وصنف في الأفراد مظان الأفراد الدارقطني وابن شاهين وغيرهما ، وكتاب حافل في مائة جزء حديثية ، سمعت منه عدة أجزاء . الدراقطني
وعمل ( أطرافه ) ، ومن مظانها ( الجامع ) أبو الفضل بن طاهر ، وزعم بعض المتأخرين أن جميع ما فيه من القسم الثاني . للترمذي
ورده شيخنا بتصريحه في كثير منه بالتفرد المطلق ، وكذا من مظانها ( مسند البزار ) والمعجمان ( الأوسط ) و ( الصغير ) . للطبراني
وصنف أبو داود ( السنن ) التي تفرد لكل سنة منها أهل بلد ; كحديث طلق في مس الذكر ، قال : إنه تفرد به أهل اليمامة ، وحديث عائشة في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على ، قال سهيل بن بيضاء الحاكم : تفرد أهل المدينة بهذه السنة .
وكل ذلك لا ينهض به إلا متسع الباع في الرواية والحفظ ، وكثيرا ما يقع التعقب في دعوى الفردية ، حتى إنه يوجد عند نفس مدعيها المتابع ، ولكن إنما يحسن الجزم بالتعقب حيث لم يختلف السياق ، أو يكون المتابع ممن يعتبر به ; لاحتمال إرادة شيء من ذلك بالإطلاق .
وقد قال ابن دقيق العيد : ( إنه إذا قيل في حديث : تفرد به فلان عن فلان ، احتمل أن يكون تفردا مطلقا ، واحتمل أن يكون تفرد به عن هذا المعين خاصة ، ويكون مرويا عن غير ذلك المعين ، فليتنبه لذلك ، فإنه قد يقع فيه المؤاخذة على قوم من المتكلمين على الأحاديث ، ويكون له وجه كما ذكرناه الآن ) . انتهى .
[ ص: 273 ] تتمة : قولهم : لا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير فلان ، جوز في " غير " الرفع والنصب ، وأطال في تقريره . ابن الحاجب