171 - الاعتبار سبرك الحديث هل شارك راو غيره فيما حمل 172 - عن شيخه فإن يكن شورك من
معتبر به فتابع وإن 173 - شورك شيخه ففوق فكذا
وقد يسمى شاهدا ثم إذا 174 - متن بمعناه أتى فالشاهد
وما خلا عن كل ذا مفارد 175 - مثاله : " لو أخذوا إهابها "
فلفظة الدباغ ما أتى بها 176 - عن عمرو إلا وقد ابن عيينة
توبع عمرو في الدباغ فاعتضد 177 - ثم وجدنا : " أيما إهاب "
فكان فيه شاهدا في الباب
لما انتهى الشاذ والمنكر المجتمعان في الانفراد ، أردفا ببيان الطريق المبين للانفراد وعدمه ، ولكنه لو أخر عن الأفراد والغريب الآتيين ، كان أنسب .
[ ] : و ( الاعتبار سبرك ) بفتح المهملة ثم موحدة ساكنة ، أي [ ص: 256 ] : اختبارك ونظرك ( الحديث ) من الدواوين المبوبة والمسندة وغيرهما ، كالمعاجم ، والمشيخات والفوائد ، لتنظر ( هل شارك ) راويه الذي يظن تفرده به ( راو غيره ) أو فقل : هل شارك راو من رواته غيره . التعريف بالاعتبار
( فيما حمل عن شيخه ) سواء اتفقا في رواية ذاك الحديث بلفظه عن شيخ واحد أم لا ؟ فبان أن الاعتبار ليس قسيما لما معه كما قد توهمه الترجمة ، بل هو الهيئة الحاصلة في الكشف عنهما ، وكأنه أريد شرح الألفاظ الثلاثة ; لوقوعها في كلام أئمتهم .
[ ] ( فإن يكن ) ذاك الراوي ( شورك من ) راو ( معتبر به ) بأن لم يتهم بكذب وضعف ، إما بسوء حفظه أو غلطه ، أو نحو ذلك ، حسب ما يجيء إيضاحه في مراتب الجرح والتعديل ، أو ممن فوقه في الوصف من باب أولى ( فـ ) هو ( تابع ) حقيقة ، وهي المتابعة التامة إن اتفقا في رجال السند كلهم . حقيقة الشاهد والمتابع
( وإن شورك شيخه ) في روايته له عن شيخه ( ففوق ) بضم القاف مبنيا ; أي : أو شورك من فوق شيخه إلى آخر السند واحدا واحدا حتى الصحابي ، ( فكذا ) أي : فهو تابع أيضا ، ولكنه في ذلك قاصر عن مشاركته هو ، وكلما بعد فيه المتابع كان أنقص .
( وقد يسمى ) أي : كل واحد من المتابع لشيخه فمن فوقه ( شاهدا ) ، ولكن تسميته تابعا أكثر .
( ثم ) بعد فقد المتابعات على الوجه المشروح ( إذا متن ) آخر في الباب إما عن ذاك الصحابي أو غيره ( بمعناه أتى فهو الشاهد ) ، وأفهم اختصاص التابع باللفظ ; سواء كان من رواية ذلك الصحابي أم غيره .
وقد حكاه شيخنا مع اختصاص الشاهد بالمعنى كذلك عن قوم - يعني كالبيهقي ومن وافقه - ولكنه رجح أنه لا اقتصار في التابع على اللفظ ، ولا في [ ص: 257 ] الشاهد على المعنى ، وأن افتراقهما بالصحابي فقط ، فكل ما جاء عن ذاك الصحابي فتابع أو عن غيره فشاهد .
قال : وقد تطلق المتابعة على الشاهد وبالعكس ، والأمر فيه سهل ، ويستفاد من ذلك كله التقوية .
( وما خلا عن كل ذا ) أي : المذكور من تابع وشاهد فهو ( مفارد ) أي : أفراد ، وينقسم بعد ذلك لقسمي المنكر والشاذ كما تقرر ، وممن صرح بما تقدم في كيفية الاعتبار ; حيث قال : مثاله أن يروي ابن حبان حديثا لم يتابع عليه عن حماد بن سلمة أيوب ، عن ، عن ابن سيرين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . أبي هريرة
فينظر هل روى ذلك ثقة غير أيوب عن ؟ فإن وجد علم أن للخبر أصلا يرجع إليه ، وإن لم يوجد ذلك فثقة غير ابن سيرين رواه عن ابن سيرين ، وإلا فصحابي غير أبي هريرة رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأي ذلك وجد يعلم به أن للحديث أصلا يرجع إليه ، وإلا فلا . انتهى . أبي هريرة
وكما أنه لا انحصار للمتابعات في الثقة ، كذلك الشواهد ، ولذا قال : واعلم أنه قد يدخل في باب المتابعة والاستشهاد رواية من لا يحتج بحديثه وحده ، بل يكون معدودا في الضعفاء ، وفي كتابي ابن الصلاح البخاري ومسلم جماعة من الضعفاء ذكراهم في المتابعات والشواهد ، وليس كل ضعيف يصلح لذلك .
ولهذا يقول وغيره : فلان يعتبر به ، وفلان لا يعتبر به . الدارقطني
قال النووي في شرح مسلم : " وإنما يفعلون هذا - أي - لكون المتابع لا اعتماد عليه ، وإنما الاعتماد على من قبله " . انتهى . إدخال الضعفاء في المتابعات والشواهد
ولا انحصار له في هذا ، بل قد يكون كل من المتابع والمتابع لا اعتماد عليه ; فباجتماعهما تحصل القوة .
[ ص: 258 ] [ ] ( مثاله ) أي : المذكور من التابع والشاهد ( أمثلة التابع والشاهد ) المروي عند لو أخذوا إهابها ، فدبغوه فانتفعوا به مسلم من طريق والنسائي ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء بن أبي رباح ، ابن عباس ميمونة من الصدقة ، فقال وذكره . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة مطروحة أعطيتها مولاة
( فلفظة الدباغ ) فيه ( ما أتى بها عن عمرو ) من أصحابه ( إلا ) بالصرف للضرورة ، فإنه انفرد بها ولم يتابع عليها . ابن عيينة
( وقد توبع ) شيخه ( عمرو ) عن عطاء ( في الدباغ ) ، فأخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق ابن وهب ، عن ، عن أسامة بن زيد الليثي عطاء ، عن ابن عباس ، . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل شاة ماتت : " الأ نزعتم إهابها ، فدبغتموه فانتفعتم به
قال البيهقي : وهكذا رواه عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عطاء ، وكذلك رواه عن يحيى بن سعيد عن ابن جريج عطاء ، فهذه متابعات في شيخ شيخه ( فاعتضد ) بها . لابن عيينة
( ثم وجدنا ) من رواية عبد الرحمن بن وعلة عن مرفوعا : ( ابن عباس ) . أخرجه أيما إهاب - بكسر الهمزة ، أي : جلد دبغ - فقد طهر مسلم ، وأصحاب السنن ، ولفظ مسلم : ( إذا دبغ الإهاب . . . . ) .
( فكان فيه ) لكونه بمعنى حديث ، ( شاهدا في الباب ) أي : عند من لا يعتبر فيه أن يكون عن صحابي آخر ، بل يكتفى بالمعنى . ابن عيينة
[ ص: 259 ] وأما من يقصر الشاهد على الآتي من حديث صحابي آخر ، وهم الجمهور ، فعندهم أن رواية ابن وعلة هذه متابعة لعطاء ، ولهذا عدل شيخنا عن التمثيل به ، ومثل بحديث فيه المتابعة التامة ، والقاصرة ، والشاهد باللفظ ، والشاهد بالمعنى جميعا ، وهو ما رواه في الأم عن الشافعي مالك ، عن ، عن عبد الله بن دينار - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ابن عمر ; فإنه في جميع الموطآت عن الشهر تسع وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم ، فأكملوا العدة ثلاثين مالك بهذا السند بلفظ : . فإن غم عليكم ، فاقدروا له
وأشار البيهقي إلى أن تفرد بهذا اللفظ عن الشافعي مالك ، فنظرنا فإذا قد روى الحديث في صحيحه فقال : ثنا البخاري ، ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي مالك به بلفظ سواء ، فهذه متابعة تامة في غاية الصحة لرواية الشافعي ، والعجب من الشافعي البيهقي كيف خفيت عليه ، ودل هذا على أن مالكا رواه عن باللفظين معا . عبد الله بن دينار
وقد توبع فيه من وجهين عن عبد الله بن دينار : أحدهما أخرجه ابن عمر مسلم ، من طريق أبي أسامة عن ، عن عبيد الله بن عمر نافع ، عن ، فذكر الحديث ، وفي آخره : ابن عمر . فإن غمي عليكم ، فاقدروا ثلاثين
والثاني : أخرجه في صحيحه من طريق ابن خزيمة ، [ ص: 260 ] عن أبيه ، عن جده عاصم بن محمد بن زيد بلفظ : ابن عمر . فهذه متابعة أيضا لكنها ناقصة ، وله شاهدان : أحدهما : من حديث فإن غم عليكم ، فكملوا ثلاثين رواه أبي هريرة عن البخاري آدم ، عن شعبة ، عن ، عن محمد بن زياد ، ولفظه : أبي هريرة . فإن غمي عليكم ، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين
وثانيهما : من حديث أخرجه ابن عباس من رواية النسائي ، عن عمرو بن دينار محمد بن حنين ، عن بلفظ حديث ابن عباس ابن دينار عن سواء . انتهى . ابن عمر
وقد ذكرت من أمثلته في الحاشية غير ذلك .