[ ] و ( ترجمة ابن الصلاح الصلاح ) تخفيف من لقب والده ، فإنه هو العلامة الفقيه ، حافظ الوقت ، مفتي الفرق ، شيخ الإسلام ، تقي الدين أبو عمرو عثمان ابن الإمام البارع صلاح الدين أبي القاسم عبد الرحمن بن عثمان الشهرزوري الموصلي ثم الدمشقي الشافعي .
كان إماما بارعا حجة ، متبحرا في العلوم الدينية ، بصيرا بالمذهب ووجوهه ، خبيرا بأصوله ، عارفا بالمذاهب ، جيد المادة من اللغة [ ص: 24 ] والعربية ، حافظا للحديث متقنا فيه ، حسن الضبط كبير القدر ، وافر الحرمة ، عديم النظر في زمانه ، مع الدين والعبادة ، والنسك والصيانة ، والورع والتقوى .
انتفع به خلق ، وعولوا على تصانيفه ، خصوصا كتابه المشار إليه ، فهو كما قال شيخنا وقد سمعته عليه بحثا إلا يسيرا من أوله كما تقدم ما نصه :
لا يحصى كم ناظم له ومختصر ، ومستدرك عليه ومقتصر ، ومعارض له ومنتصر ، مات في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة ( 643 هـ ) عن ست وستين سنة ، رحمه الله .
ومع استيفائي فيها لمقاصد كتابه ( زدتها علما ) من إصلاح لخلل وقع في كلامه ، أو زيادة في عد أقسام تلك المسألة ، أو فائدة مستقلة .
( تراه ) أي : المزيد ( موضعه ) بملاحظة أصلها ; لأنه وإن ميز أول كثير منه بـ " قلت " ، أو تميز بنفسه عند العارف ; لكونه حكاية عن متأخر عن بالصريح ، أو بالإشارة ، أو تعقبا لكلامه برد أو إيضاح ، فآخره قد لا يتميز ، وأيضا فقد فاته أشياء كثيرة لم يميزها بـ " قلت " ، ولا تميزت بما أشير إليه ، كما سأوضح ذلك في محاله . ابن الصلاح
وكذا أشرت من أجل التلخيص لعزو ما يكون من اختيارات وتحقيقاته إليه . ابن الصلاح
( فحيث ) الفاء هي الفصيحة ، أو تفريعية على " لخصت " ( جاء الفعل والضمير ) على البدل ( لواحد ) لا لاثنين ( ومن ) أي : والذي كل من الفعل والضمير ( له مستور ) أي : غير معلوم ، تشبيها له بالمغطى ; بأن لم يذكر فاعل الفعل معه ، ولا تقدم كلا من الفعل أو الضمير الموحدين اسم يعود عليه كـ " قال " في أمثلة الفعل .
من مثل قوله في الحسن : ( وقال بان لي بإمعاني النظر ) و " له " في الضمير من مثل قوله في حكم الصحيحين : " كذا له " ( أو أطلقت لفظ الشيخ ) [ ص: 25 ] كقوله : " فالشيخ فيما بعد قد حققه " ( ما أريد ) بكل من الفاعل ، وصاحب الضمير والشيخ ، ( إلا مبهما ) بفتح الهاء حال من المفعول ، وهو ابن الصلاح ، وبكسرها حال من فاعل ، ( أريد ) وهو الناظم ( وإن يكن ) أي : المذكور من الفعل أو الضمير ( لاثنين ) ففي الفعل ( نحو ) قولك : ( التزما ) ، وقوله : ( واقطع بصحة لما قد أسندا ) وفي الضمير نحو ( وأرفع الصحيح مرويهما ) ( ابن الصلاح فمسلم مع هما ) وقدم الأول للضرورة لا سيما وإضافته للثاني بالمعية مشعرة بالتبعية والمرجوحية . البخاري
وربما يعكر على هذا الاصطلاح ما تكون ألفه للإطلاق كقوله : ( وقيل ما لم يتصل وقالا ) .
وكقوله في اختلاف ألفاظ الشيوخ : ( وما ببعض ذا وذا وقالا ) وإن كان متميزا برسم الكتابة ، وأما ما له مرجع كقوله : ( ورود ما قالا فلا يرد ) ( والله ) بالنصب معمول ( أرجو ) وقدم للاختصاص نحو إياك نعبد وإياك نستعين [ الفاتحة : 5 ] .
( في أموري كلها معتصما ) بفتح الصاد ، تمييز للنسبة أي : أرجوه من جهة الاعتصام بمعنى الحفظ والوقاية ، وبكسرها أي : ممتنعا على أنه حال من الفاعل وهو الناظم ، أي : أؤمل الله في حالة كوني معتصما .
( في صعبها ) أي : أموري ( و ) في ( سهلها ) ، والصعب وكذا الحزن ضد السهل ; فبأي لفظ جيء به منهما تحصل المطابقة المحضة من أنواع البديع ، ولكن الإتيان بالحزن أبلغ لما فيه من التأسي به - صلى الله عليه وسلم - ; حيث قال : وأنت إن شئت جعلت الحزن سهلا وحيث أمر بتغيير " حزن " بـ " سهل " والله الموفق .