[ ] وله أمثلة ; ( كمتن ) ( أمثلة التواتر ) ، الذي اعتنى غير واحد من الحفاظ ; منهم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار الطبراني ويوسف بن خليل بجمع طرقه ، [ ص: 17 ] وبلغت عدة من رواه عند وتبعه علي بن المديني عشرين ، بل ارتقت عند كل من يعقوب بن شيبة البزار لأربعين ، وزاد عليهما وإبراهيم الحربي عددا قليلا . أبو محمد بن صاعد
وعند شارح ( الرسالة ) لستين . ( فـ ) ـارتقت ( فوق ستين ) صحابيا باثنين ( رووه ) كما عند أبي بكر الصيرفي في مقدمة موضوعاته ، ولبعض الأحاديث عنده أكثر من طريق ، بحيث زادت الطرق عنده على التسعين . وجزم بذلك ابن الجوزي . ابن دحية
وقد سبق لزيادة عد الصحابة على الستين ابن الجوزي . أبو القاسم الطبراني
( والعجب بأن من رواته للعشره ) المشهود لهم بالجنة . ( و ) أنه ( خص بالأمرين ) المذكورين ; وهما اجتماع أزيد من ستين صحابيا على روايته ، وكون العشرة منهم ، ( فيما ذكره الشيخ ) حكاية ( عن بعضهم ) ممن لم يسمع ، وهو موجود في مقدمة إحدى النسختين من الموضوعات ابن الصلاح ، الأول من كلامه نفسه ، والثاني نقلا عن لابن الجوزي . أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الإسفرائيني
وكذا قاله الحاكم فيما نقله عنه صاحبه البيهقي ووافقه عليه .
بل أشعر كلام باختصاصه بكونه مثالا للمتواتر ; فإنه قال : ومن سئل عن إبراز مثال لذلك فيما يروى من الحديث ، أعياه تطلبه . ابن الصلاح
قال : وحديث : ( ) ليس من ذلك بسبيل ، وإن نقله عدد التواتر وزيادة ; لأن ذلك [ ص: 18 ] طرأ عليه في وسط إسناده ، ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره . نعم ، حديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) نراه مثالا لذلك ; فإنه نقله عن الصحابة العدد الجم ، ووافقه غير واحد على إطلاق التواتر عليه ، ولكن نازع غير واحد في اجتماع العشرة على روايته ، وبعض شيوخ شيوخنا في كونه متواترا ; لأن شرطه كما قدمنا استواء طرفيه وما بينهما في الكثرة ، وليست موجودة في كل طريق من طرقه بمفردها . من كذب علي
وأجيب عن الأول بأن الطرق عن العشرة موجودة في مقدمة الموضوعات لابن الجوزي وابن عوف في النسخة الأخيرة منها ، وكذا موجودة عند من بعده ، والثابت منها كما سيأتي من الصحاح علي والزبير ، ومن الحسان طلحة وسعد وسعيد وأبو عبيدة ، ومن الضعيف المتماسك طريق عثمان ، وبقيتها ضعيف أو ساقط . وعلى كل حال فقد وردت في الجملة .
وعن الثاني بأن المراد بإطلاق كونه متواترا رواية المجموع عن المجموع من ابتدائه إلى انتهائهم في كل عصر ، وهذا كاف في ذلك . وأيضا فطريق أنس وحدها قد رواها عنه العدد الكثير وتواترت عنهم . وحديث علي رواه عنه ستة من مشاهير التابعين وثقاتهم .
وكذا حديث ابن مسعود وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو .
فلو قيل في كل منهما : إنه متواتر عن صاحبيه ، لكان صحيحا . وقد قال : وفي بعض ما جمع من طرقه عدد التواتر . ( قلت : بلى ) ، لم يخص هذا المتن بالأمرين ، بل ( مسح الخفاف ) قد رواه أيضا - فيما ذكره ابن الصلاح في كتابه : ( المستخرج من كتب الناس للفائدة ) - أكثر من ستين صحابيا ، ومنهم العشرة . بل عند أبو القاسم ابن منده ابن أبي شيبة وابن المنذر وغيرهما من طريق أنه قال : حدثني سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين . ولكن في هذا مقال . نعم ، جمع بعض الحفاظ رواته من الصحابة فجاوزوا الثمانين . الحسن البصري
وصرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر . وعبارة منهم : روى المسح على الخفين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو أربعين من الصحابة ، واستفاض وتواتر . وسبقه ابن عبد البر أحمد فقال : ليس في قلبي من المسح شيء ، فيه أربعون حديثا عن [ ص: 19 ] أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رفعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وما وقفوا .
وقال مهنا : سألت أحمد عن أجود الأحاديث في المسح ، فقال : حديث : سألت شريح بن هانئ عائشة . . . ، وحديث ، وحديث خزيمة بن ثابت . قلت : وحديث عوف بن مالك صفوان بن عسال ؟ قال : ليس في ذلك توقيت للمقيم .
وكذا الوضوء من مس الذكر ، قيل : إن رواته زادت على ستين ، وكذلك الوضوء مما مست النار وعدمه .
وأيضا المذكور بالصرف ، فأبو القاسم ( ابن منده ) وغيرهما من الأئمة ، ( إلى عشرتهم ) بإسكان المعجمة ; أي : الصحابة ، ( رفع ) بالنصب ( اليدين نسبا ) ، بل خصه والحاكم أبو عبد الله الحاكم بذلك فيما سمعه صاحبه البيهقي منه ، فقال : سمعته يقول : لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الخلفاء الأربعة ثم العشرة فمن بعدهم من أكابر الأئمة على تفرقهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنة .
قال البيهقي : وهو كما قال أستاذنا أبو عبد الله رحمه الله ; فقد رويت هذه السنة عن العشرة وغيرهم .
وقال في ( التمهيد ) : إنه رواه ثلاثة عشر صحابيا . وأما ابن عبد البر فعزاه لسبعة عشر نفسا ، وكذا البخاري . وعدتهم عند السلفي في الموضوعات اثنان وعشرون . ابن الجوزي
وتتبع المصنف من رواه من الصحابة ، [ ص: 20 ] فبلغ بهم نحو الخمسين . ووصفه بالتواتر . ابن حزم
وبالجملة فالحديث الأول أكثرها عن الصحابة ورودا ; ولذا لما حكى كونه يروى عن أكثر من ستين قال : وقد بلغ بهم بعض أهل الحديث أكثر من هذا العدد . قال : ثم لم يزل عدد رواته في ازدياد ، وهلم جرا على التوالي والاستمرار . ابن الصلاح
قلت : قد ارتقت عدتهم لأكثر من ثمانين نفسا فيما قاله أبو القاسم ابن منده أيضا ، وخرجها بعض النيسابوريين بزيادة قليلة على ذلك . وبلغ بهم كما في النسخة المتأخرة من الموضوعات ، وهي بخط ولده ابن الجوزي علي نقلا عن خط أبيه ، ثمانية وتسعين . وأما فقال : إنهم نحو المائة . بل ( ونيفوا ) ; أي : زادوا ، ( عن مائة ) من الصحابة باثنين ( من كذبا ) ، وذلك بالنظر لمجموع ما عندهم ، وإن كان الناظم عزا العدة المذكورة لمصنف الحافظ أبو موسى المديني أبي الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي ، وهو في جزأين ; فإن ظاهر كلام شيخنا خلافه ; حيث قال : إن الحافظين ; ، يوسف بن خليل وأبا علي البكري - وهما متعاصران - وقع لكل منهما في تصنيفه ما ليس عند الآخر ، بحيث تكملت المائة من مجموع ما عندهم .
وأعلى من هذا كله قول النووي في شرح مقدمة مسلم : إنه جاء عن مائتين من الصحابة ، ولم يزل في ازدياد . واستبعد المصنف ذلك ، ووجهه غيره بأنها في مطلق الكذب ; كحديث : ( ) ونحوه . ولكن لعله - كما قال شيخنا - سبق قلم من مائة ، وفيها المقبول والمردود . من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين
[ ص: 21 ] وبيان ذلك إجمالا أنه اتفق الشيخان منها على حديث علي وأنس وأبي هريرة . وانفرد والمغيرة بن شعبة منها بحديث البخاري الزبير وسلمة بن الأكوع وعبد الله بن عمرو بن العاص . وانفرد وواثلة بن الأسقع مسلم منها بحديث أبي سعيد .
وصح أيضا في غيرهما من حديث ابن مسعود وأبي وابن عمر قتادة وجابر . وورد بأسانيد حسان من حديث وزيد بن أرقم طلحة بن عبيد الله وسعد وسعيد بن زيد وأبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وعقبة بن عامر وعمران بن حصين وسلمان الفارسي ومعاوية بن أبي سفيان ورافع بن خديج وطارق الأشجعي والسائب بن يزيد وخالد بن عرفطة وأبي أمامة وأبي قرصافة وأبي موسى الغافقي وعائشة .
فهؤلاء واحد وثلاثون نفسا من الصحابة . وورد عن نحو خمسين غيرهم بأسانيد ضعيفة متماسكة ; منهم . وعن نحو عشرين آخرين بأسانيد ساقطة . على أن شيخنا قد نازع عثمان بن عفان فيما أشعر به كلامه من عزة وجود مثال للمتواتر ، فضلا عن دعوى غيره العدم ، يعني ابن الصلاح كابن حبان والحازمي . وقرر أن ذلك من قائله نشأ عن قلة اطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطئوا على كذب أو يحصل منهم اتفاقا .
قال : ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث ، أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقا وغربا ، المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث ، وتعددت طرقه تعددا تحيل العادة تواطؤهم معه على الكذب إلى آخر الشروط ، أفاد العلم اليقيني بصحته إلى قائله ، ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير .
[ ص: 22 ] وقد توقف بعض الآخذين عنه من الحنفية في أول مقالته هذه ، مع ما سلف من أنه لا دخل لصفات المخبرين في المتواتر . وهو واضح الالتيام ، فما هنا بالنظر إلى كون أهل هذه الطبقة مثلا تبعد العادة - لجلالتهم - تواطؤ ثلاثة منهم على كذب أو غلط ، وكون غيرها لانحطاط أهلها عن هؤلاء لا يحصل ذلك إلا بعشرة مثلا ، وغيرها لعدم اتصاف أهلها بالعدالة ومعرفتهم بالفسق ونحوه لا يحصل إلا بمزيد كثير من العدد .
نعم ، يمكن بالنظر لما أشرت إليه أن يكون المتواتر من مباحثنا ، فالله أعلم .