باب ما يجب فيه القطع
حدثني مالك عن عن نافع عبد الله بن عمر قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وَكَانَ مِجَنِّي دُونَ مَنْ كُنْتُ أَتَّقِي ثَلَاثُ شُخُوصٍ كَاعِبَانِ وَمُعْصِرُ
وَحُذِفَ الْهَاءُ مِنْ ثَلَاثَةٍ مَعَ أَنَّهُ عَدَدُ شُخُوصٍ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى ; لِأَنَّهُ أَرَادَ شُخُوصَ الْمَرْأَةِ فَأَنَّثَ الْعَدَدَ لِذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ اسْتَتَرَ نِسْوَةٌ عَنْ أَعْيُنِ الرُّقَبَاءِ ، وَاسْتَظْهَرَ فِي مَحَلِّ التَّخَلُّصِ مِنْهُمْ بِهِنَّ ، وَالْكَاعِبُ الَّتِي نَهَدَ ثَدْيُهَا ، وَالْمُعْصِرُ الدَّاخِلَةُ فِي عَصْرِ شَبَابِهَا ( ثَمَنُهُ ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ( ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ) فِضَّةً هَكَذَا رَوَاهُ الْأَكْثَرُ عَنْ نَافِعٍ ( ثَمَنُهُ ) ، وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْهُ بِلَفْظِ ( قِيمَتُهُ ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا ، وَأَصْلُ الثَّمَنِ مَا يُقَابَلُ بِهِ الشَّيْءُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَأُطْلِقَ عَلَى الْقِيمَةِ ثَمَنًا مَجَازًا أَوْ لِتَسَاوِيهِمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ فِي ظَنِّ الرَّاوِي أَوْ بِاعْتِبَارِ الْغَلَبَةِ ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هَذَا الْحَدِيثُ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ ، وَتَابَعُهُ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ ، كُلُّهُمْ بِلَفْظِ ( ثَمَنُهُ ) ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ [ ص: 246 ] بِلَفْظِ ( قِيمَتُهُ ) كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ بِهِ .وكان مجني دون من كنت أتقي ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
وحذف الهاء من ثلاثة مع أنه عدد شخوص حملا على المعنى ; لأنه أراد شخوص المرأة فأنث العدد لذلك يريد أنه استتر نسوة عن أعين الرقباء ، واستظهر في محل التخلص منهم بهن ، والكاعب التي نهد ثديها ، والمعصر الداخلة في عصر شبابها ( ثمنه ) مبتدأ خبره ( ثلاثة دراهم ) فضة هكذا رواه الأكثر عن نافع ( ثمنه ) ، ورواه الليث عنه بلفظ ( قيمته ) وهو المراد بالثمن هنا ، وأصل الثمن ما يقابل به الشيء في عقد البيع فأطلق على القيمة ثمنا مجازا أو لتساويهما في ذلك الوقت أو في ظن الراوي أو باعتبار الغلبة ، قال ابن عبد البر : هذا الحديث أصح حديث روي في ذلك ، وأخرجه البخاري عن إسماعيل ، ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به ، وتابعه جويرية بن أسماء وموسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر عند البخاري ومحمد بن إسحاق عند الإسماعيلي ، كلهم بلفظ ( ثمنه ) ، والليث بن سعد عند مسلم [ ص: 246 ] بلفظ ( قيمته ) كلهم عن نافع به .