قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين .
[ ص: 217 ] ( قال قائل منهم ) أبهمه القرآن لأن تعيينه بتسميته لا فائدة منها في عبرة ولا حكمة ، وإنما الفائدة في وصفه بأنه منهم ، وهي أنهم لم يجمعوا على جناية قتله ، وقال : إنه السدي يهوذا ، وفي سفر التكوين : أنه رأوبين ( لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب ) الجب البئر غير المطوية ، أي غير المبنية من داخلها بالحجارة وهو مذكر ، والبئر مؤنثة وتسمى المطوية منها طويا ، وغيابته بالفتح ما يغيب عن رؤية البصر من قعره ، أو حفرة بجانبه تكون فوق سطح الماء يدخلها من يدلي فيه لإخراج شيء وقع فيه أو إصلاح خلل عرض له ، وعلم من التعريف أنه جب معروف كان هنالك حيث يرعون ، وجواب ألقوه : ( يلتقطه بعض السيارة ) وهم جماعة المسافرين الذين يسيرون في الأرض يقطعون الأرض من مكان إلى آخر لأجل التجارة ، فيأخذوه إلى حيث ساروا من الأقطار البعيدة فيتم لكم الشق الثاني ما اقترحتم وهو إبعاده عن أبيه : ( إن كنتم فاعلين ) ما هو الصواب المقصود لكم بالذات فهذا هو الصواب ، وجناية قتله غير مقصودة لذاتها ، فعلام إسخاط الله باقترافها والغرض يتم بما دونها ؟ وفي سفر التكوين أن رأوبين مكر بهم إذ كان يريد أن يخرجه من الجب ويرجعه إلى أبيه ، وأنهم وضعوه في البئر وكانت فارغة لا ماء فيها ، فمرت سيارة من تجار الإسماعيليين ( العرب ) - مسافرة إلى مصر ، فاقترح عليهم يهوذا إخراجه وبيعه لهم ، إذ لا فائدة لهم من قتله وهو من لحمهم ودمهم ففعلوا ، فهذا ما دار بينهم وأجمعوه من أمرهم .