[ ص: 434 ] المسألة الرابعة : اعلم أن جمهور العلماء على أن يجلد أربعين; لأنه حد يتشطر بالرق كحد الزنى ، قال العبد إذا قذف حرا القرطبي : وروي عن ، ابن مسعود ، وعمر بن عبد العزيز : يجلد ثمانين ، وجلد وقبيصة بن ذؤيب عبدا قذف حرا ثمانين ، وبه قال أبو بكر بن محمد ، واحتج الجمهور بقوله تعالى : الأوزاعي فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب [ 4 \ 25 ] ، وقال الآخرون : فهمنا هناك أن حد الزنا لله ، وأنه ربما كان أخف فيمن قلت نعم الله عليه ، وأفحش فيمن عظمت نعم الله عليه .
وأما ، فهو حق للآدمي وجب للجناية على عرض المقذوف ، والجناية لا تختلف بالرق والحرية ، وربما قالوا : لو كان يختلف لذكر ، كما في الزنى . حد القذف
قال ابن المنذر : والذي عليه علماء الأمصار القول الأول وبه أقول ، انتهى كلام القرطبي .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : أظهر القولين عندي دليلا : أن العبد إذا قذف حرا جلد ثمانين لا أربعين ، وإن كان مخالفا لجمهور أهل العلم ، وإنما استظهرنا جلده ثمانين ; لأن العبد داخل في عموم : فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا يمكن إخراجه من هذا العموم ، إلا بدليل ولم يرد دليل يخرج العبد من هذا العموم ، لا من كتاب ، ولا من سنة ، ولا من قياس ، وإنما ورد النص على تشطير الحد عن الأمة في حد الزنى وألحق العلماء بها العبد بجامع الرق ، والزنى غير القذف .
أما القذف فلم يرد فيه نص ولا قياس في خصوصه .
وأما قياس القذف على الزنى فهو قياس مع وجود الفارق ; لأن القذف جناية على عرض إنسان معين ، والردع عن الأعراض حق للآدمي فيردع العبد كما يردع الحر ، والعلم عند الله تعالى .
تنبيه .
قد قدمنا في سورة " المائدة " في الكلام على قوله تعالى : من أجل ذلك كتبنا على بني الآية [ 5 \ 32 ] ، أن لا يحد له ، وذلك ثابت في [ ص: 435 ] الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " : الحر إذا قذف عبدا " اهـ ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الصحيح " : من قذف عبده بالزنى أقيم عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال " ، يدل على أنه لا يقام عليه الحد في الدنيا وهو كذلك ، وهذا لا نزاع فيه بين من يعتد به من أهل العلم . أقيم عليه الحد يوم القيامة
قال القرطبي : قال العلماء : وإنما كان ذلك في الآخرة لارتفاع الملك واستواء الشريف والوضيع والحر والعبد ، ولم يكن لأحد فضل إلا بالتقوى ، ولما كان ذلك تكافأ الناس في الحدود والحرمة ، واقتص لكل واحد من صاحبه إلا أن يعفو المظلوم ، انتهى محل الغرض من كلام القرطبي .