وللثياب إطلاق صريح وهو ما يلبسه اللابس ، وإطلاق كنائي فيكنى بالثياب عن ذات صاحبها كقول عنترة :
فشككت بالرمح الأصم ثيابه
كناية عن طعنه بالرمح .وللتطهير إطلاق حقيقي وهو التنظيف وإزالة النجاسات ، وإطلاق مجازي وهو التزكية ، قال تعالى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .
والمعنيان صالحان في الآية فتحمل عليهما معا فتحصل أربعة معان ؛ لأنه مأمور بالطهارة الحقيقية لثيابه إبطالا لما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الاكتراث بذلك . وقد وردت أحاديث في ذلك يقوي بعضها بعضا وأقواها ما رواه الترمذي " " وقال : هو غريب . إن الله نظيف يحب النظافة
والطهارة لجسده بالأولى .
ومناسبة التطهير بهذا المعنى ؛ لأنه يعطف على وربك فكبر ؛ لأنه لما أمر بالصلاة أمر بالتطهر لها ؛ لأن الطهارة مشروعة للصلاة .
وليس في القرآن ذكر طهارة الثوب إلا في هذه الآية في أحد محاملها وهو مأمور بتزكية نفسه .
والمعنى المركب من الكنائي والمجازي هو الأعلق بإضافة النبوءة عليه . وفي كلام العرب : فلان نقي الثياب . وقال غيلان بن سلمة الثقفي :
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
ثياب عوف طهارى نقية وأوجههم بيض المسافر غران
وتقديم ( ثيابك ) على فعل ( طهر ) للاهتمام به في الأمر بالتطهير .