[ ص: 171 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الصف
اشتهرت هذه السورة باسم ( ) وكذلك سميت في عصر الصحابة . سورة الصف
روى سنده إلى ابن أبي حاتم عبد الله بن سلام الحديث ، رواه أن ناسا قالوا : ( لو أرسلنا إلى رسول الله نسأله عن أحب الأعمال ) إلى أن قال : ( فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولئك النفر حتى جمعهم ونزلت فيهم ( سورة سبح لله الصف ) ابن كثير ، وبذلك عنونت في صحيح وفي جامع البخاري الترمذي ، وكذلك كتب اسمها في المصاحف وفي كتب التفسير .
ووجه التسمية وقوع لفظ ( صفا ) فيها وهو صف القتال ، فالتعريف باللام تعريف العهد .
وذكر السيوطي في الإتقان : أنها تسمى ( سورة الحواريين ) ولم يسنده . وقال الآلوسي تسمى ( سورة عيسى ) ولم أقف على نسبته لقائل . وأصله للطبرسي فلعله أخذ من حديث رواه في فضلها عن بلفظ ( سورة عيسى ) . وهو حديث موسوم بأنه موضوع . أبي بن كعب والطبرسي يكثر من تخريج الأحاديث الموضوعة . فتسميتها ( سورة الحواريين ) لذكر الحواريين فيها . ولعلها أول سورة نزلت ذكر فيها لفظ الحواريين .
وإذا ثبت تسميتها ( سورة عيسى ) فلما فيها من ذكر ( عيسى ) مرتين .
[ ص: 172 ] وهي مدنية عند الجمهور كما يشهد لذلك حديث . وعن عبد الله بن سلام ابن عباس ومجاهد وعطاء أنها مكية ودرج عليه في الكشاف والفخر . وقال ابن عطية : الأصح أنها مدنية ويشبه أن يكون فيها المكي .
واختلف في وهل نزلت متتابعة أو متفرقة متلاحقة . سبب نزولها
وفي جامع الترمذي قال : قعدنا نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتذاكرنا فقلنا : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه فأنزل الله تعالى عبد الله بن سلام سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون قال فقرأها علينا رسول الله عبد الله بن سلام . وأخرجه عن الحاكم وأحمد في مسنده وابن أبي حاتم بزيادة فقرأها علينا رسول الله حتى ختمها أو فقرأها كلها . والدارمي
فهذا يقتضي أنهم قيل لهم : لم تقولون ما لا تفعلون قبل أن يخلفوا ما وعدوا به فيكون الاستفهام مستعملا مجازا في التحذير من عدم الوفاء بما نذروه ووعدوا به .
وعن علي بن طلحة عن في قوله تعالى ابن عباس يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون قال : كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون : لوددنا أن الله عز وجل دلنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به فأخبر الله أن أحب الأعمال : إيمان به وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به . فلما نزل الجهاد كره ذلك ناس من المؤمنين وشق عليهم . فأنزل الله سبحانه وتعالى يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون .
ومثله عن أبي صالح أن السورة نزلت بعد أن أمروا بالجهاد بآيات غير هذه السورة . وبعد أن وعدوا بالانتداب للجهاد ثم تقاعدوا عنه وكرهوه . وهذا المروي عن وهو أوضح وأوفق بنظم الآية ، والاستفهام فيه للتوبيخ واللوم وهو المناسب لقوله بعده ابن عباس كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون .
وعن : قال المؤمنون : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لعملنا به فدلهم الله فقال : مقاتل بن حيان إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ، فابتلوا يوم [ ص: 173 ] أحد بذلك فولوا مدبرين فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . ونسب الواحدي مثل هذا للمفسرين وهو يقتضي أن صدر الآية نزل بعد آخرها .
وعن الكلبي : أنهم قالوا : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لسارعنا إليها فنزلت هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم الآية . فابتلوا يوم أحد فنزلت يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون تعيرهم بترك الوفاء . وهو يقتضي أن معظم السورة قبل نزول الآية التي في أولها .
وهي السورة الثامنة والمائة في ترتيب نزول السور عند . نزلت بعد سورة التغابن وقبل سورة الفتح . وكان نزولها بعد وقعة أحد . جابر بن زيد
وعدد آيها أربع عشرة آية باتفاق أهل العدد .