يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم جملة ( يسبح له ) إلخ في موضع الحال من ضمير ( له الأسماء الحسنى ) يعني أن اتصافه بالصفات الحسنى يضطر ما في السماوات والأرض من العقلاء على فكل صنف يبعثه علمه ببعض أسماء الله على أن ينزهه ويسبحه بقصد أو بغير قصد . فالدهري أو الطبائعي إذا نوه بنظام الكائنات وأعجب بانتساقها فإنما يسبح في الواقع للفاعل المختار وإن كان هو يدعوه دهرا أو طبيعة ، وهذا إذا حمل التسبيح على معناه الحقيقي وهو التنزيه بالقول ، فأما إن حمل على ما يشمل المعنيين الحقيقي والمجازي من دلالة على التنويه ولو بلسان الحال . فالمعنى : أن ما ثبت له من صفات الخلق والإمداد والقهر تدل عليه شواهد المخلوقات وانتظام وجودها . تعظيمه بالتسبيح والتنزيه عن النقائص
وجملة ( وهو العزيز الحكيم ) عطف على جملة الحال وأوثر هاتان الصفتان لشدة مناسبتهما لنظام الخلق .
وفي هذه الآية رد العجز على الصدر لأن صدر السورة مماثل لآخرها .
روى الترمذي بسند حسن عن عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال : معقل بن يسار الثلاث آيات من آخر سورة الحشر هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب إلى آخر السورة ، وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات ذلك اليوم مات شهيدا . ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة . فهذه فضيلة لهذه الآيات أخروية . من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ
[ ص: 128 ] وروى في تاريخه بسنده إلى الخطيب البغدادي قال : قرأت على إدريس بن عبد الكريم الحداد خلف راوي حمزة فلما بلغت هذه الآية لو أنزلنا هذا القرآن على جبل إلى آخر السورة قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على . فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على الأعمش فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك ، فإني قرأت على يحيى بن وثاب ، علقمة والأسود فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك فإنا قرأنا على عبد الله فلما بلغنا هذه الآية قال : ضعا أيديكما على رؤوسكما ، فإني قرأت على النبيء - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغت هذه الآية قال لي : ضع يدك على رأسك فإن جبريل لما نزل بها إلي قال : ضع يدك على رأسك فإنها شفاء من كل داء إلا السام . والسام الموت . قلت : هذا حديث أغر مسلسل إلى جبريل عليه السلام .
وأخرج الديلمي عن علي عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - وابن مسعود لو أنزلنا هذا القرآن إلى آخر السورة : هي رقية الصداع ، فهذه مزية لهذه الآيات . أنه قال في قوله تعالى