وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين أمر أن تحضر جماعة من المسلمين إقامة حد الزنا تحقيقا لإقامة الحد وحذرا من التساهل فيه فإن الإخفاء ذريعة للإنساء ، فإذا لم يشهده المؤمنون فقد يتساءلون عن عدم إقامته فإذا تبين لهم إهماله فلا يعدم بينهم من يقوم بتغيير المنكر من تعطيل الحدود .
وفيه فائدة أخرى وهي أن من مع عقوبة الجاني أن يرتدع غيره ، وبحضور طائفة من المؤمنين يتعظ به الحاضرون ويزدجرون ويشيع الحديث فيه بنقل الحاضر إلى الغائب . مقاصد الحدود
[ ص: 152 ] والطائفة : الجماعة من الناس . وقد تقدم ذكرها عند قوله تعالى : فلتقم طائفة منهم معك في سورة النساء ، وعند قوله : أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا في آخر الأنعام . وقد اختلف في ضبط عددها هنا . والظاهر أنه عدد تحصل بخبره الاستفاضة وهو يختلف باختلاف الأمكنة . والمشهور عن مالك الاثنان فصاعدا ، وقال ابن أبي زيد : أربعة اعتبارا بشهادة الزنا . وقيل : عشرة .
وظاهر الأمر يقتضي وجوب حضور طائفة للحد . وحمله الحنفية على الندب وكذلك الشافعية ولم أقف على تصريح بحكمه في المذهب المالكي . ويظهر من إطلاق المفسرين وأصحاب الأحكام من المالكية ومن اختلافهم في أقل ما يجزئ من عدد الطائفة أنه يحمل على الوجوب إذ هو محمل الأمر عند مالك . وأيا ما كان حكمه فهو في الكفاية ولا يطالب به من له بالمحدود مزيد صلة يحزنه أن يشاهد إقامة الحد عليه .